قطر دولة تجمعنا بها أواصر المحبة المتشعبة في قلوبنا، فهم أهلنا وأرحامنا، هم شركاؤنا في الدين والعروبة والتاريخ، ومع هذا كله هناك ما يعرف بالمنطق الجيوسياسي في العلاقات بين الدول. فالجغرافيا لها دور لايمكن تجاوزه، وكي أقرب المشهد، أقول إن علاقتنا بايران لها أبعاد مختلفة، لكن البعد الجغرافي لايمكن تجاوزه في التعامل مع إيران التي نختلف معها في قضايا مصيرية. فلماذا هذا الصدع في العلاقة بين قطر وجيرانها؟ سؤال لست متخصصاً في الاجابة عنه، وهل قطر على خطر؟ سؤال آخر اختلف أهل الرأي والسياسة حوله، وكأي سؤال فكري من المنطق أن تكون له إجابات ثلاث، هي: نعم وربما ولا. أهل السياسة من حول قطر يقولون نعم هي في خطر، وإخوانهم في قطر يقولون لا لسنا في خطر، وبين هؤلاء تجد فتاوى سياسية مترددة تقول بالأمرين معاً، وسيبقى الإنسان البسيط في حيرة من أمره، ولكن يكفينا نحن اللاعبين غير الأساسيين في مجريات السياسة أن نتأمل وندعو الله بالسلامة، فما يجري من حولنا كان الأحرى به أن يؤلف بين قلوبنا، فكم فرح أهل الخليج بتوجهات استراتيجية تم الإعلان عنها في قمم خليجية ترنو إلى نقل مجلس التعاون إلى مرحلة متقدمة من الاتحاد، بيد أن لِما يُعرف بـ«الربيع العربي» نار كنا نحوم من حولها، ونالنا منها بعض شررها. وبدأت نار الفتنة تعصف بينا، فكان قرار السعودية والإمارات والبحرين سحب السفراء من الدوحة عندما تبين لهم ما يجري من حولهم، لأن قطر في خطر. لكن قطر آثرت غير ذلك، وبقي خيط الدبلوماسية متصلاً، مما يؤكد أن قطر على وشك اتخاذ القرار المصيري الذي ينتظره منها أهل الخليج قاطبة، وسيسجله التاريخ بمداد من ذهب، فحوى هذا القرار سر ستكشفه لنا أحداث المستقبل القريب. وما زال صدى كلمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي يتردد في أذهاننا عندما قال: «قطر إخواننا.. قطر أهلنا، وقطر جزء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأنا شخصياً لدي علاقة مميزة مع صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر حفظه الله، ولدي ثقة كبيرة بالشيخ تميم في أنه يرى أن مصلحة قطر من مصلحة دول مجلس التعاون»، مشيراً إلى أن «الاختلاف قد يحصل بين الأشقاء في البيت الواحد، لكنه لا يمكن أن يفرقنا شيء عن أهل قطر إخواننا»?. فكلنا? ?ينتظر? ?حكمة? ?الشيخ? ?تميم?،? ?ومما? ?يقرب? ?المشهد? ?نحو? ?الإيجاب? ?تصريح? ?وزير? ?الخارجية? ?الكويتي? ?هذا? ?الأسبوع? ?حيث? ?قال? «الأمور? ?الطارئة? ?تستوعبها? ?حكمة? ?قادة? ?الخليج،? ?ولا? ?يمكن? ?التفريط? ?في? ?المسيرة? ?الممتدة? ?33? ?عاما?ً»?. أهل السياسة أدرى منا بمتطلباتها وشؤونها وشجونها، لكن ما أزعجني في هذه الأحداث عجز أهل الفكر عن التعاطي معها، فمن يتابع الجرائد، يجد فئة من الكتاب تنفخ في نار الفتنة، لكن الأزمة الأكبر في تصوري تكمن في ما ينشر على صفحات التواصل الإلكتروني من تغريدات وتسريبات وإشاعات، تجاوزت كل معاني الحكمة والرأي السديد، فمهما جرى بين دولنا، لانريد أن يفقدنا ذلك أخلاقنا، فكما أننا لانرضى أن يسيء أحد إلى ولاة أمرنا ورموزنا السياسية، لاينبغي علينا أن نسمح لأحد منا أن يتجاوز حدوده في التعاطي مع هذا الحدث،‏? ?قطر? ?جزء? ?منا? ?ولن? ?تتركنا.