أضحى الغرض من العقوبات الأميركية ضد روسيا واضحاً في الوقت الراهن ألا وهو: إيلام بوتين شخصياً. وتُركز الإضافات التي أدخلتها وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً على قائمة الأفراد الذين يواجهون قيوداً على السفر وتجميداً لأصولهم في الولايات المتحدة بعض الأشخاص المقربين من بوتين، بما في ذلك رفاقه في رياضة الجودو وأفراد مجمعه السكني الخاص بالقرب من سانت بترسبيرج. ولكن، بقدر ما يستحق الأشخاص المدرجون على القائمة هذه العقوبة الرمزية، ربما لن تحصل الولايات المتحدة على جدوى كبيرة من ما يصل إلى حد الإعلان عن عداء شخصي من قبل أوباما. ولن يثني جل ذلك بوتين عن ضم القرم، أو يخفف الضغوط الممارسة على أوكرانيا. وعلى رغم ذلك، من الممكن أن يؤدي ذلك إلى رد من جانب بوتين في لعبة «الانتقام» التي سرعان ما يمكن أن تتحول إلى انحدار نحو الموت. ومن بين الأسماء العشرين المدرجين على قائمة العقوبات الأميركية، هناك ستة أشخاص لهم أهمية خاصة هم: الأخوان أركادي وبرويس روتينبيرج، وأندري فيرسينكو، ويوري كوفالتشوك، وجينادي تيمشينكو، وفلاديمير ياكونين. والتقى بوتين للمرة الأولى بالأخوين روتينبيرج في عام 1956 عندما كان في الحادية عشرة من عمره، وكانوا يحضرون إلى مدرسة «الجودو» نفسها في سانت بترسبيرج. وتعززت صداقة بوتين بالأخوين، واستمر أركادي روتينبيرج في التدريب مع بوتين في حقبة التسعينات، وأسّسا سويّاً نادي «يافارا» للجودو، الذي فاز في عدد من البطولات الأوروبية. وكان روتينبيرج أكبر متلقي للعقود الحكومية الروسية في عام 2013، التي بلغت نحو خمسة مليارات دولار، وكان نشطاً بصورة خاصة في الحصول على الطلبيات من شركة «غاز بروم» الحكومية التي تحتكر سوق الغاز الطبيعي. وتُقدر مجلة «فوربس» ثورة «ركادي وبرويس روتينبيرج» مجتمعة بنحو 5.7 مليار دولار، وتمكّنا من جمعهما في ظل إدارة بوتين. وأما تيمشينكو فيمتلك 45 في المئة من شركة «جونفر» السويسرية لتجارة النفط، التي تزعم وزارة الخزانة الأميركية أن بوتين مستثمر فيها. والتقى تيمشينكو بوتين للمرة الأولى عندما كان رئيس روسيا المستقبلي يعمل في مكتب عمدة سانت بترسبيرج في التسعينات، وقام برعاية نادي «يافارا» للجودو، ولطالما أنكر أنه مقرب من بوتين. وعلى رغم ذلك، كان تيمشينكو ثالث أكبر متلق للعقود الحكومية الروسية في عام 2013، وكان معظمها في إنشاء الطرق والجسور. وفيما يتعلق بـ فيرسينكو، وكوفالتشوك، وياكونين، فكانوا جميعاً أعضاء في جمعية «أوزيرو» التعاونية للإسكان، التي تم إنشائها لبناء منازل على منطقة تطل على بحيرة شمال سانت بترسبيرج. وعليه، فإن المقصود من العقوبات يسهلُ قراءته بالنسبة لبوتين، فحتى إذا لم يكن مقرباً من هؤلاء الرجال المدرجين على القائمة مثلما يشير تاريخهم وتحليل العقود الحكومية، فإنه سيعرف أن أوباما أراد استهداف هؤلاء الذين ـ حسب علمه ـ أفضل أصدقاء الرئيس الروسي، وربما حراس ثروته الشخصية. وبالطبع سينتقم بوتين، وبداية هذا الانتقام أعلنت وزارة الخارجية الروسية قائمة بأسماء المشرعين ومسؤولي الإدارة الأميركية الذين سيتم رفض دخولهم إلى روسيا، وعلى الشركات الأميركية التي تعمل هناك الاستعداد إلى ما هو أسوأ، فبوتين شخصية تواقة إلى الانتقام. ـ ـ ـ ـ ـ ليونيد بيرشيدسكي ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»