الآن وبعد أن أيد الناخبون في القرم وبأغلبية ساحقة انضمام شبه الجزيرة إلى روسيا – الأمر الذي لا يعتبر صادماً تماماً، نظراً لأنه لم يكن هناك خيار عند صناديق الاقتراع بالنسبة لأولئك الذين يحبذون الوضع القائم – فقد أصبح انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا شبه مكتمل. وقد تقدمت المنطقة رسمياً يوم الإثنين الماضي بطلب للانضمام إلى روسيا. وقد أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرض حظر للسفر وتجميد أصول عدد من كبار المسؤولين الروس، رداً على نتائج الاستفتاء الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي باطلاً. ومن جانبه، قدم «دانييل دريزنر،» من مجلة «فورين بوليسي»، تفسيراً جيداً عن أسباب فرض هذه العقوبات، حتى وإنْ كان من غير المرجح أنها ستدفع روسيا للتخلي عن أرض أصبحت فعلياً تسيطر عليها. وفي جميع الاحتمالات، فإن بقاء القرم طوال ستة عقود كجزء من أوكرانيا قد انتهى الآن، سواء كان العالم يعترف بذلك أم لا. لكن ذلك لا يعني بالضرورة انتهاء الأزمة. فقد تحول الاهتمام الآن إلى شرق أوكرانيا، حيث هناك بعض الدلائل على أن روسيا، قد تتطلع لتوسيع نطاق ولايتها لـ«حماية» الناطقين باللغة الروسية. وقد انطلقت مظاهرات حاشدة مؤيدة لروسيا، حيث اقتحم المتظاهرون مباني حكومية في «دونستيك» و«خاركوف» وغيرهما من المدن الشرقية التي تقطنها أغلبية من الناطقين بالروسية. كما أقيمت بعض الاستفتاءات «غير المعترف بها» في بعض المدن، إلى جانب حرق الكتب المطبوعة باللغة الأوكرانية في بعض الأماكن. ومن ناحية أخرى، وقبل إجراء الاستفتاء، تحركت القوات الروسية للاستيلاء على مصنع للغاز الطبيعي خارج حدود شبه جزيرة القرم. تبدو القرم متميزة ثقافياً، إلا أنها تعتمد بصورة كبيرة للغاية على أوكرانيا في المجالات الاقتصادية. ولهذا السبب، تتوقع «جوليا لوفي»، مدونة بمجلة «نيو ريبابليك» الأميركية، أن تقوم روسيا على الأرجح بتوسيع رقعة الأرض التي تستولي عليها «شمال وشرق بيريكوب» البرزخ الضيق الذي يربط شبه جزيرة القرم بباقي الأراضي الأوكرانية. وأضافت قائلة: «وبينما أنت هناك، ألم ترغب في الإستيلاء على منطقة شرق أوكرانيا بأكملها؟» ويبدو أن بوتين وضع افتراضاً صحيحاً بأنه بإمكانه الاستيلاء على القرم ولا يتعرض لعقوبة. ولكن العوامل التي أدت إلى إنجاز عملية القرم بهذه السرعة ودون إراقة دماء ليست موجودة في باقي أنحاء البلاد، والتي هي أكبر، وأقل انعزالاً من الناحية الجغرافية، وأكثر تجانساً من الناحية العرقية. وإلى جانب ذلك فإنها ليس لديها الروابط التاريخية نفسها بروسيا. ويبدو أن الاقتصاد الروسي يجد متنفساً في القرم، لكن الأسواق المالية، على الأقل، تبدو الآن وقد قبلت بالوضع الراهن. لقد استطاع بوتين أن يفلت من العقاب في المرة الأولى، لكن التمادي لأبعد من ذلك سوف يؤدي بصورة شبه مؤكدة إلى اندلاع حرب وزيادة المخاطر بالنسبة لحكومته بشكل كبير. ولكن بالطبع، فإن عملية القرم تبدو وكأنها لم يتم التخطيط لها في وقت مبكر. ومن الواضح أن روسيا تبقي على خياراتها مفتوحة بالنسبة لبقية أوكرانيا، كما يبدو أن الأمر لن يستغرق كثيراً لكي يتحول إلى أزمة دولية أكبر بكثير. جوشوا كيتينج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»