عبّرت الكلمة التي ألقاها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، خلال افتتاحه المنتدى العالمي «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» بأبوظبي، الذي انتهت فعالياته يوم أول من أمس الاثنين، عن رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة المستنيرة للدين الإسلامي، وما يتميز به من قيم التسامح والتعايش والتراحم، فقد أكد سموه «أن الشريعة الإسلامية السمحاء نزلت بمقاصد سامية وقيم راقية، من أعلاها وأهمها: تعزيز السلم، وحفظ الأنفس، وصون الدماء، وإفشاء السلام، وبث روح الوئام بين الناس على اختلاف دياناتهم وتنوع عقائدهم». لقد أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ضرورة «عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمان ليكونوا في الواجهة، وإعادة النظر وتجديد الخطاب الديني ليكون عقلانياً متزناً ونابعاً من حاجات الإنسان»، وهذا أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية؛ لأن أحد الأسباب الرئيسية التي أسهمت في تشويه صورة الإسلام في الآونة الأخيرة، هم أنصاف العلماء الذين لم ينجحوا في تقديم صورة الإسلام الحقيقية، والتعبير عن قيمه السمحاء، ناهيك عن أصحاب الفكر المتطرف الذين أسهموا في تضليل الكثيرين في عالمنا العربي والإسلامي، وغرس ثقافة التطرف وإقصاء الآخر، وما ترتب على ذلك من أعمال عنف وتفجر الصراعات الطائفية والمذهبية التي باتت الخطر الداهم الذي يواجه العديد من مجتمعاتنا العربية والإسلامية. هناك حاجة ماسة إلى التصدي لمثل هذا الفكر المتطرف الذي يشوه الدين الإسلامي الحنيف، وهذا يفرض على العلماء، كما قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن يقوموا بدور تاريخي في «إخماد نيران الفتنة وتقريب وجهات النظر وإنارة العقول وتأليف القلوب على مبدأ السلم»، لأن هذا هو المدخل الرئيسي لتعزيز الأمن والسلم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. ولا شك في أن المناقشات التي دارت على مدار يومَيْ المنتدى، والتوصيات التي صدرت عنه، تقدم خارطة طريق لتعزيز السلم والأمن في المجتمعات العربية والإسلامية، ليس فقط لأنها قدمت صورة حقيقية عن الدين الإسلامي الحنيف، وما يتميز به من قيم حضارية عالمية تؤمن بالتسامح والوسطية والاعتدال والتعايش بين الجميع، وتعاملت مع العديد من القضايا الحيوية التي تخدم الدعوة الإسلامية، كتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالجهاد ودور الفتاوى وشروط وقيود إصدارها، وإنما أيضاً لأن هذا المنتدى يمثل النواة في تشكيل جبهة موحدة لمواجهة أصحاب الأيديولوجيات المتطرفة التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود، وتقف وراء إشعال الصراع الطائفي وتصاعد الإرهاب والتحريض على العنف، وتفاقم الاستقطاب في العالم الإسلامي. بعثت دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال استضافتها المنتدى العالمي «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» رسالة سلام إلى العالم أجمع، تُعلي من قيم التسامح والتعايش والاعتدال والوسطية، وهي منظومة القيم التي تعزز السلم والأمن والاستقرار في المجتمعات العربية والإسلامية. وفي هذا السياق، استطاعت الإمارات أن تقدم نموذجاً فريداً على ما يمكن أن تؤدي إليه قيم التسامح وقبول الآخر والحوار من تعايش مثالي بين عشرات الأعراق والثقافات والديانات من دون أي توترات أو احتقانات، وهذا يترجم ما تتمتع به من أمن واستقرار على المستويات كافة، وما تحظى به جهودها من تقدير إقليمي ودولي، باعتبارها إحدى ركائز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.