تتبوأ دولة الإمارات موقع الصدارة خليجياً وعربياً في التواصل الحكومي عبر الشبكات الاجتماعية، لأسبقية المؤسسات المحلية والاتحادية في إنشاء وإدارة حسابات على موقعي «فيسبوك» و«تويتر» وغيرهما والتواصل مع الجمهور من مختلف الشرائح. ووفقاً للتقييم السنوي لقطاع المعلومات بهيئة تنظيم الاتصالات عن عام 2013، فقد بلغت نسبة التزام المواقع الإلكترونية للوزارات والهيئات والجهات الاتحادية بالمعايير الدولية والمتطلبات الجديدة للحكومة الإلكترونية الاتحادية 71,2 في المئة، وشملت معايير مختلفة في هذه المواقع منها تقييم المحتوى والمشاركة الإلكترونية واستخدام أدوات التواصل الاجتماعي. إن حضور المؤسسات والشركات في شبكات التواصل الاجتماعي ينطلق أساساً من سعي الجهات الحكومية إلى الاستفادة من الفضاء الاجتماعي الإلكتروني من أجل تعزيز آليات التواصل مع جمهور المتعاملين والاستماع إلى ملاحظاتهم وتلبية متطلباتهم. بالإضافة إلى دمج تلك المعطيات ضمن آليات اتخاذ القرار بما يصب في تطوير الخدمات والارتقاء بمستوى الأداء. كما تعكف المؤسسات والشركات على زيادة فعالية أعمالها وتقليص نفقاتها وأيضاً تطوير وتحسين منتجاتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدركت غالبية المؤسسات والشركات، خاصة تلك التي تتعامل بشكل مباشر مع الجمهور، أهمية وجودها في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، فأولت الأمر إلى إدارات الإعلام والعلاقات العامة لإنشاء وإدارة حسابات خاصة بالمؤسسة. ولكن العديد من الحسابات المؤسسية لم تستفد من جوهر العملية الاتصالية في هذه الشبكات لأن هذه الحسابات هي أساساً من أجل التواصل والتفاعل بين المؤسسة والجمهور لتكون العملية الاتصالية باتجاهين، وليس في اتجاه واحد من خلال الاكتفاء بوضع عدد من التغريدات أو المشاركات اليومية دون وضع في الاعتبار للردود والتعليقات أو الأسئلة والاستفسارات الواردة من المتابعين. ومن أجل تفعيل حسابات المؤسسات والشركات في شبكات التواصل الاجتماعي من خلال استراتيجية واضحة وفعالة، يقدم راجيش تشاندي بروفيسور التسويق في معهد لندن للاقتصاد في مقال نشره مؤخراً في مجلة المعهد نصائح في عدة نقاط، أولاها ضرورة سعي المؤسسات إلى التخطيط والاستثمار في هذه المواقع من حيث تأهيل أفراد مدربين على التواصل الإلكتروني مع الجمهور. كما ينصح تشاندي مديري حسابات «الفيسبوك» و«تويتر» التابعة للمؤسسات بوضع أنفسهم مكان المتابع الذي يعرض شكاويه أو يطرح استفساراته أحياناً بلغة حادة. كما يذكر من الإرشادات أن تتسم هذه الحسابات بالشفافية ودعوة العملاء على نحو فعال لتطوير رؤى جديدة، وإشراك المسؤولين في الشركة للرد على الاستفسارات والشكاوى. كما ينبغي ألا تنجرف هذه الحسابات بعيداً عن صورة المؤسسة وأهدافها، ويجب أن يكون أسلوب الخطاب ونبرته موحدة خاصة إذا كان يدير الحساب أكثر من شخص. إن أساس فكرة مواقع التواصل الاجتماعي قائم على المشاركة والتفاعل. ولذا ينبغي عدم تخصيص حسابات المؤسسات والشركات فقط لنشر أخبار وأنشطة المؤسسة، وضرورة تدريب القائمين على إدارة الحسابات كمتحدثين معتمدين باسم الشركة ومنحهم صلاحية الرد على الشكاوى. ولكن واقع الحال أن معظم القائمين على هذه الحسابات موظفون عاديون لا يملكون سلطة القرار، أو حتى حق الرد والتصريح باسم الشركة. ويزداد الأمر سوءاً عند عدم اهتمام المسؤولين في المؤسسة بالشكاوى الواردة في مواقع التواصل، فتتحول الحسابات إلى نسخة مكررة إلكترونية عن صناديق الشكاوى والمقترحات التي تضعها المؤسسات في أماكن تردد المراجعين وهي أحياناً واجهات دعائية لا أكثر! وعندها لا يجب أن يتفاجأ المسؤول في المؤسسة إذا ما صوب العملاء الغاضبون من هذه المؤسسة ونصبوا لها وسماً «هاشتاق» ورموها بسهام النقد اللاذع والسخرية والهجوم المباشر!