في أنظمة كالتي توجد في بعض البلدان العربية، لا? «?الديمقراطيون? ?المغالون?» ?حسب? ?تعبير? ?الكاتب الشهير? ?في? ?مجال? ?العلوم? ?السياسية? ?الفرنسي? ?«كي? ?هيرمي»، ولا? «?المغامرون? ?والمثاليون? ?المناهضون? ?لأي? ?تسوية?»? ?يمكنهم? ?الوصول? ?إلى? ?الديمقراطية.? ?وحدها? «?المواثيق? ?التعاقدية? ?ذات? ?التوجهات? ?المصلحية?» ?كتلك? ?التي? ?وقعت? ?في? ?إسبانيا? ?والبرتغال، ?بإمكانها? بناء «?ديمقراطية? ?بطريقة? ?ودية?»?. ?وقد? ?لاحظ? ?«فيليب? ?شميتر»? ?و«تيري? ?لين? ?كارل» ?بشكل? ?دقيق? ?أن? من بين ?الأنواع? ?الأربعة? ?للتحولات? ?التي? ?قاما? ?بدراستها? ?في? ?العشرات? ?من? ?الدول? ?في? ?تاريخ? ?التحولات? ?الديمقراطية? ?الكبرى? (?عن? ?طريق? ?ثورة، أو? ?تدخل? ?أجنبي،? ?أو? ?من? ?خلال? ?اتفاق? ?تعاقدي،? ?أو? ?عن? ?طريق? ?تأثير? ?الدول? ?المجاورة?)?، وحده? ?الانتقال? ?بواسطة? ?الاتفاق? ?التعاقدي? ?من? ?شأنه? ?أن? ?يؤدي? ?إلى? ?ديمقراطية? ?صلبة? ?ومتجذرة.? ?ويتم? ?استكمال? ?هذا? ?الاتفاق? ?التعاقدي، بطبيعة? ?الحال، ?بواسطة? ?عوامل? ?أخرى? ?كإجراء? ?انتخابات? ?حرة? ?وتنافسية،? ?وكذا? ?بواسطة? ?الدستورانية.? ?وتؤسس? ?هذه? ?الإجراءات? ?السياسية، ?على? ?حد? ?تعبير? ?آدم? ?برجيفورسكي?، ?لحالة? ?الشك? ?وتسمح? ?للفاعلين? ?السياسيين? ?بالعمل? ?في? ?إطار? ?مستقر? ?يمكنهم? ?من? ?خلاله? ?الدفاع? ?عن? ?مصالحهم? ?الخاصة.?? ويمكن تعريف الاتفاق التعاقدي السياسي، وفقاً لمؤلفي الكتاب الكلاسيكي «الانتقال من الحكم الاستبدادي»، بأنه «اتفاق صريح، ولكنه ليس دائماً مفسراً أو مبررا‏? ?علانية، بين? ?مجموعة? ?محددة? ?من? ?الفاعلين?، ?يسعى? ?إلى? ?تحديد? ?القواعد? ?التي? ?تحكم? ?ممارسة? ?السلطة? ?على? ?أساس? ?ضمان? ?متبادل? ?للمصالح? ?الحيوية? ?لكل? ?طرف? ?]?...? [?. ?ويتضمن? ?الاتفاق? ?التعاقدي? ?اتفاقاً? ?تفاوضياً? ?يقبل? ?من? ?خلاله? ?كل? ?طرف? ?بعدم? ?استخدام، أو? ?على? ?الأقل، بالتقليص? ?من? ?قدرته? ?على? ?المساس? ?بالاستقلال? ?التنظيمي? ?أو? ?المصالح? ?الحيوية? ?للأطراف? ?الأخرى?»?.? ?كما? ?يضع? ?هذا? ?الاتفاق? ?الشروط? ?المؤسساتية? ?اللازمة? ?بحيث? «?تصبح? ?العروض? ?السياسية? ?الجوهرية? ?ضئيلة? ?بما? ?فيه? ?الكفاية? ?ومتوافقة? ?مع? ?بعضها? ?بعضاً لكي? ?لا? ?تعتبر? ?من? ?قبل? ?الأطراف? ?الأخرى? ?تهديداً? ?غير? ?مقبول، الأمر? ?الذي? ?يبرر? ?انقطاع? ?قواعد? ?المنافسة? ?الديمقراطية?» ?كما? ?يكتب? ?الخبير? «?جون? ?لوكا». وإذن يعتبر هذا الميثاق، بحكم تعريفه، اتفاقاً موقعاً بين مختلف أطراف النزاع من أجل إفساح المجال نحو تسوية وتوطيد مبادئ الديمقراطية.? ?وهذه? ?التقنية? «?الاستبدادية?»?، حسب? ?تعريف? ?برجيفورسكي، تتطلب، ?لنجاحها، تبادل? ?الثقة? ?بين? ?جميع? ?الفاعلين، ?الذين? ?يعملون? ?على? ?التفكير? ?في? ?استراتيجية? ?مشتركة? ?للخروج? ?من? ?الأزمة? ?دون? ?المساس? ?بمصالح? ?بعضهم? ?بعضاً.? ?ومع? ?ذلك، فلكي? ?ينجح? ?الميثاق? ?السياسي، ?يفترض في? ?الثقة? ?المنشودة? ?بين? ?جميع? ?الفاعلين? ?أن? ?تمكنهم? ?من? ?اختيار? «?ثنائية:? ?فوز? ?غير? ?مكتمل? (?ربح?)?-? ?هزيمة? ?نسبية? (?مخاطر?)» ?بدلاً? ?من? «?ثنائية:? ?فوز? ?تام? (?ربح?) ?-? ?خسارة? (?مخاطر?)»?.? ???? ويؤدي هذا الاتفاق التعاقدي، فيما بعد، إلى انتصار قواعد المنافسة الديمقراطية (وفي الذهن هنا مثال كل من إسبانيا والبرتغال)، أو إلى هزيمة جزئية في أحسن الأحوال تمأسس مع مرور الوقت لميثاق تعاقدي متمكن (التجربة المغربية)، أو كلية في أسوأ الحالات، (الجزائر في أوائل تسعينيات القرن الماضي). وإذا تمعنا في أدبيات تجذير أسس هذا التفاهم السياسي الذي يقوم عليه أمن وأمان الناس والشعوب والأوطان فإن قاعدة الثقة هي أساس هذا النجاح وإلا صار المجال السياسي عرضة للرياح العاتية... والثقة هي التي تجعل حتى ذلك الذي عانى من عقود من السجن والحرمان في عهد النظام البائد يثق في الدولة والمؤسسات... وهي التي تجعل محركي آليات التحول الديمقراطي الجديد يقدسون المصلحة العليا للوطن وينظرون إلى الجميع نظرة متساوية أساسها مصلحة الخاص والعام معاً، وأن المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي هو مجال عام وليس ملكاً لطرف وحده، وإنها مسؤولية عظيمة وأمانة أثقل من الجبال لمن فهم تداعياتها... وكما كنا قد كتبنا هنا في صفحات جريدة «الاتحاد» الغراء، فإن على الفاعلين في العملية السياسية توخي حسن الظن بالمؤسسات والأفراد، وتجذير بناء الثقة، وطي صفحة الماضي، لأن غرس الشك المستمر في أذهان الناس وعوامهم يورث الريبة والسخط، ويخلق أعراض الفتور والتوتر، ويجعل الناس لا يصدقون ممثليهم، ويحصل في النفوس من التكاسل ما لا يمكن وصفه فيقصر الأمل، وقد سمعنا مثلاً في بعض الدول العربية أحزاباً تقول إنها إذا لم تحصل على الترتيب الأول في الانتخابات فإنها ستكون مزورة، وإذا لم تسند إليها الوزارة الأولى فإن النظام لم يتغير‏!? ? وهذه? ?أمور? ?تنافي? ?أبسط? ?القواعد? ?الديمقراطية، ?وتخالف? ?المعقول? ?في? ?أدبيات? ?العلوم? ?السياسية، ?وإذا? ?ذهب? ?الأمل? ?بالتشكيك? ?والترهيب، فإن? ?الناس? ?سيعزلون? ?السياسة? ?وسينصرفون? ?عن? ?المشاركة? ?وسيصبحون? ?مغلَّبين? ?لكل? ?متغلب، وطعمة? ?لكل? ?آكل، وسواء? ?كانوا? ?حصلوا? ?على? ?غايتهم? ?من? ?التغيير? ?أم? ?لم? ?يحصلوا.? ?وإذا? ?هبت? ?رياح? ?التغيير? ?في? ?دولة? ?من? ?الدول، فعلى? ?الجميع? ?أن? ?يعمل? ?في? ?إطار? ?الدولة? ?والمؤسسات، ولكن? ?بعقلية? ?جديدة? ?وبأفكار? ?ديمقراطية? ?جريئة? ?للمحافظة? ?على? ?القشرة? ?الحامية? ?والمحافظة? ?على? ?معنى? ?الدولة، إذ? ?لا? ?يتصور? ?الانطلاق? ?من? ?الصفر، فلما? ?قامت? ?القوات? ?الأميركية? ?بحل? ?القوات? ?البوليسية? ?والعسكرية? ?في? ?العراق? ?بعد? ?سقوط? ?نظام? ?صدام? ?تفككت? ?الدولة? ?العراقية? ?بين? ?عشية? ?وضحاها.? ? كما أن هذا النوع من التفاهم السياسي المرضي للجميع يتطلب دهاء وذكاء ونكراناً للذات وبُعد نظر من النخبة السياسية في الحكم والنخبة السياسية في المعارضة، وما تمر به دول كالجزائر ومصر اليوم أفضل مثال على ذلك، فلا الأدوات المهيكلة لنوعية النظام عليها أن تبقى رهينة حسابات وأفكار عقيمة عفا عليها الزمن ولا بعض الأيديولوجيات والتصورات الخاطئة كالزج بالدين في السياسة والسياسة في الدين التي أظهرت في أمصار عديدة مساوئها وانزلاقاتها عليها أن تكون المحرك لبعض الأحزاب والفاعلين السياسيين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.