تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بمحاولة تطبيق أفضل الممارسات العالمية في كثير من القطاعات، حتى أننا أصبحنا مدرسة عربية في النجاح والتميز. فمن يدخل فنادقنا اليوم يجدها أفضل بكثير من فنادق الدول المتقدمة. ومن يقود سيارته في طرقنا يجد المعايير العالمية مطبقة، ومن يزور حدائقنا الغنَّاء يستغرب كيف نبتت تلك الأشجار وسط الصحراء.. والقائمة في ذلك تطول. وفي الميدان التربوي يجد أفضل المعايير الدولية مطبقة وبالذات في الجامعات الحكومية، التي نالت بكل جدارة اعتماد المؤسسات الدولية، لأنها لا تقل من حيث الجودة عن نظيراتها في الدول المتقدمة. وفي طريق التطوير التربوي في مدارسنا، بدأت وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، منذ أكثر من سنة في تطبيق ممارسة عالمية تتناسب مع النظريات التربوية الحديثة، إنها تجربة دمج ذوي الإعاقات البسيطة في المدارس التقليدية. الفكرة أكثر من رائعة لأنها كما ذكرت تمثل تتويجاً لأبحاث تربوية خلصت إلى أن الدمج هو لمصلحة الأطفال من ذوي الحاجات الخاصة، لأنه يؤهلهم لحياتهم الحقيقية ويعلمهم التعامل مع المجتمع الفعلي، بدلاً من حصرهم في مراكز تأهيل تحول بينهم وبين التعامل اليومي مع أقرانهم. وفي المقابل، فإن الأطفال الأصحاء يتعودون من طفولتهم على وجود طفل من ذوي الحاجات الخاصة بينهم، مما يقرب المسافات النفسية ويزيل الحواجز المجتمعية. أكثر من 260 مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم بدأت في تطبيق هذه التجربة، وقد أنفق مجلس أبوظبي للتعليم مشكورا أكثر من 14 مليون درهم لتزويد المدارس بالأجهزة المساعدة لتعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، والبالغ عددهم قرابة 4500 طفل. الفكرة كما قدمت لها أكثر من رائعة، وأتمنى أن تعمم هذه التجربة كي ينال هؤلاء الأطفال حقهم المشروع في التعليم، لكن لي مع التطبيق العملي لهذه الفكرة الرائعة وقفات. لقد قمت بزيارة أكثر من 6 رياض أطفال تم فعلياً تطبيق هذا المشروع فيها، وخلصت إلى بعض الملاحظات التي أتمنى الوقوف معها كي تنجح الفكرة، أول ملاحظة هي هل فعلاً هؤلاء الأطفال يصنفون على أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة البسيطة، التي يسهل معها دمج الطفل في مدرسة تقليدية؟ لي وقفة مع هذا الوصف لأنني رأيت أطفالاً هم بحاجة إلى مراكز متخصصة، ومن الصعب دمجهم في مدارس تقليدية. وفكرة الدمج تتطلب وجود معلم درسَ في تخصص التربية الخاصة في كل مدرسة على الأقل. لقد زرت مدارس وُعدت بهذا المعلم ولم يروه، كما أن المعلمة التي في فصلها أكثر من عشرين طفلاً كيف تتفرغ لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، دون وجود مساعدة لها في عملها. لقد رأيت في بعض المدارس إهمالاً واضحاً لهذا الطفل، لأن المعلمة لم تتدرب فعلياً على التعامل مع حاجاته الخاصة. الملاحظات كثيرة، ولا أدعي أنني قمت ببحث علمي ميداني في هذا المجال لكنها وقفات تربوية لا ترقى للبحث العلمي. وعليه أقترح على الجهات المختصة في مجلس الوزراء الموقر تشكيل لجنة محايدة من قسم التربية الخاصة في جامعة الإمارات والأقسام المكافئة له في الجامعات الأخرى لدراسة هذه التجربة والوقوف على مدى جاهزية المدارس والمعلمين لاحتضان‏? ?هؤلاء? ?الأطفال، لأنهم? ?ليسوا? ?مجرد? ?أرقام? ?نتباهى? ?بها? ?أمام? ?العالم،? ?إنهم? ?أطفال? ?لهم? ?حقوق? ?لا? ?بد? ?من? ?تلبيتها? ?وعدم? ?التهرب? ?منها? ?بإلحاقهم? ?في? ?مدارس? ?لا ترحب? ?بهم?.?