مساء الثلاثاء 25 فبراير 2014 شهد المسجد الأقصى الأسير خطوة إسرائيلية تصعيدية في مخطط الاستيلاء عليه وتهويده. جاء التصعيد في صورة نقلة نوعية للمخططات الإسرائيلية من مجال الجماعات المتطرفة التي تستهدف تدميره وإقامة الهيكل اليهودي إلى مجال التشريع والبرلمان الإسرائيلي، معنى هذا أن الأقصى لم يعد يواجه جماعات يهودية تعمل خارج القانون الإسرائيلي والالتزامات الرسمية للحكومة الإسرائيلية التي اعترفت بالولاية العربية الإسلامية على الحرم القدسي الشريف ممثلة في المملكة الأردنية الهاشمية في إطار معاهدة السلام الموقعة عام 1994، بل دخلت الدولة الإسرائيلية ببرلمانها وحكومتها الآن إلى مرحلة السفور وتأييد الجماعات المتطرفة، ولم تبق سوى خطوة أخيرة، تتمثل في صدور قانون يفرض السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي وفي القلب منه المسجد الأقصى. طبعاً هذه الخطوة ستأخذ وقتاً وتمر ببعض المناورات، في المرحلة الأولى ستحاول الحكومة الإسرائيلية أن تقنع العالم الإسلامي ممثلًا في الأردن بأنها تتعرض لضغوط شديدة من أعضاء الكنيست وأنها بالكاد تفرمل صدور قانون يفرض عليها تطبيق السيادة الإسرائيلية، ولذا فهي تطالب العالم الإسلامي أن يصدر موافقة رسمية على السماح لليهود بدخول الحرم في أي وقت لأداء صلواتهم، وفي الوقت نفسه ستطلق الحكومة الإسرائيلية للجماعات المتطرفة حق تهديد الأقصى لتتدخل هي لحمايته فتظهر في صورة الحكومة المعتدلة المتعقلة. ولكي تتبين خطورة مناقشة الكنيست في 25 فبراير لاقتراح أحد زعماء حزب «ليكود» الحاكم، وهو موشيه فيجلين المطالب بتطبيق السيادة الإسرائيلية على الحرم، علينا أن نعود إلى الوراء عامين، لنكتشف أنه في أول فبراير 2012 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً في التماس قدمه يهودي يطالب فيه بالسماح له بدخول المسجد الأقصى لأداء صلواته باعتبار هذا المكان مكان يهودياً مقدساً، فقضى حكم المحكمة بإقرار حق اليهود في الصلاة في المسجد الأقصى واعتباره حقاً موضع إجماع من كافة الأطراف الإسرائيلية. المعنى هنا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ممثلة في القضاء قد وضعت الأساس القانوني لعملية سلب الأقصى منذ عامين وأن البرلمان يأتي في عام 2014 ليضفي الشرعية القانونية بمناقشة اقتراح فيجلين. عندما تتابع المناقشة في الكنيست ستجد أن جميع الأحزاب الصهيونية مجمعة على إضفاء شرعية على جريمة اغتصاب الأقصى، لقد قالت عضو الكنيست ميري راجاف: «لماذا يستطيع المسلم أن يؤذن باللغة العربية وبصوت مرتفع في الحرم القدسي قائلا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بينما لا يستطيع اليهودي أن يصعد للحرم وأن يرفع صوته بصلاته باللغة العبرية؟». عندها وقفت «زهافه جلاؤون»، زعيمة حزب «ميرتس» اليساري فأقرت بـ«حق» اليهود في دخول الأقصى، لكنها طلبت التعقل السياسي ومحاولة الوصول لهذا الهدف من خلال اتفاق مع المسلمين، محذرةً من أن اقتراح فيجلين يمثل عود الكبريت الذي سيشعل برميل البارود الذي يجلس عليه الشرق الأوسط. غير أن تسيبي ردت مستخفة من تحذير برميل البارود ومطالبة بفتح الأقصى أمام اليهود في جميع الأوقات. ترى هل ندرك خطورة الخطوة الإسرائيلية في الكنيست؟!