لعدة أيام كان عالم مشاهدي التليفزيون والمواقع الإلكترونية يتقلب ذهاباً وإياباً لمشاهدة البث الحي لنوعين من المعارك الملحمية المختلفة من أجل الحصول على السيادة، فكنا نشاهد معارك مجيدة للتفوق الأولمبي في سوتشي ومعارك مرعبة على السيادة الحكومية في كييف. وشاهد العالم الوجهين المختلفين تماماً لبوتين. رأى العالم وجهاً لبوتين جديداً وعصرياً تماماً، ينظر بسرور بالغ إلى الملعب الكائن تحت سماء سوتشي المتوهجة. وإذا كانت الألعاب الأولمبية هي المقياس الوحيد لإنجازات بوتين، فإن رجل روسيا القوي سيتوهج بالتأكيد من الداخل، كذلك. لكن العالم شاهد أيضاً الوجه الآخر لبوتين. لقد رأينا في كييف الوجه الذي كان مصبوباً في قالب لفترة طويلة، خلال الفترة التي قضاها بوتين في جهاز الاستخبارات السوفييتي (كي. جي. بي). وتعرف المشاهدون بجميع أنحاء العالم على الوجه القديم لبوتين بينما كانوا يرون ما تفعله عصابات يانوكوفيتش بناء على تحريض من «ميدفيديف» رئيس وزراء بوتين. أصبحت الحكومة الأوكرانية أكثر صرامة وأطلقت الأعيرة النارية على حشد من المحتجين المتشددين – وقتلت مئة من المتظاهرين في يوم واحد. كان هذا كثيراً بالنسبة لبرلمان أوكرانيا، وأكثر من اللازم، حتى بالنسبة لشرطة أوكرانيا. وعليه، فقد انتزع البرلمان دعمه من يانوكوفيتش، واختفت الشرطة من الساحة. وبين عشية وضحاها، كان يانوكوفيتش، الموالي لبوتين، قد اختفى من القصر الرئاسي ومن ممتلكاته الخاصة التي أنفق عليها ببذخ من أموال الشعب في الوقت الذي أفلست فيه بلاده. وإذا كانت المشاهد الوحيدة التي رآها العالم خلال الأسبوع الماضي هي المشاهد التي وردت من سوتشي، ربما كانت محركات الاقتصاد العالمي خلصت إلا أن الرئيس الروسي قد تمكن بأعجوبة من تحويل أمته المضطربة منذ فترة طويلة. سماء سوتشي البرتقالية التي زينتها الألعاب النارية كانت تتوهج مثل علامة من النيون قائلة إن روسيا بوتين الجديدة أصبحت الآن مفتوحة للأعمال والمشروعات. لكن العالم شاهد السماء البرتقالية، فوق كييف والرصيف الأحمر لساحة الاستقلال. وهذه المشاهد لونت الصورة التي رسمها العالم لبوتين، صورة لا يمكن محوها. كما أصبحت رؤية العالم لبوتين واضحة بشكل صارخ هذا الأسبوع. فقد أرسل بوتين يوم الثلاثاء الماضي قوات لإجراء مناورات عسكرية بالقرب من حدود روسيا مع أوكرانيا. والآن، لقد شاهده كل من على الكوكب بأنه رجل يفتح ذراعيه على مصراعيها ولكن قبضته مشدودة بإحكام. والسبيل الوحيد أمام بوتين ليغير من رؤية العالم له هو أن يقوم بتغيير وجه سياساته في جميع أنحاء العالم. وعليه البدء بإنهاء دعمه لواحد من أكثر أنظمة العالم شراً، وهو نظام الأسد الذي يقوم بعمليات قتل جماعي لشعبه. لكن زعماء العالم وشعوبه لم يعد بإمكانهم حبس أنفاسهم انتظاراً لأن يتصرف بوتين بصورة صحيحة في أي شيء. لقد كان هذا هو الدرس الذي تعلمه العالم هذا الأسبوع، الذي شهد أفضل الأوقات وأسوأها بالنسبة لبوتين. لكن هذا الأسبوع قد يكون بمثابة صيحة إنذار تشتد الحاجة إليها لجميع المتطرفين الحالمين في جميع أنحاء الكوكب، خاصة للكثير من المواطنين العاديين في أماكن غير جديرة بالثقة مثل فنزويلا وغيرها من دول أميركا اللاتينية، حيث ما زال الناس يحاولون العثور على طريق جديد لهم لتحقيق الازدهار. لقد وصل اليهم بوتين على أمل في الماضي، ولكن إذا كانوا يشاهدون ما تناقلته وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع الماضي، فإنهم يعرفون أن بوتين لن يكون أبداً هو الإجابة التي يبحثون عنها. مارتن شرام محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي. انترناشونال»