يواجه الرئيس باراك أوباما أخطر التحديات التى واجهها خلال فترة رئاسته، حيث يتعين عليه معرفة كيفية الرد على الغزو الروسي لأوكرانيا. وسوف تحدد طريقة استجابته فترتي رئاسته، وكذلك موقف كل من أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة في العالم في المستقبل. وهناك خطوات ينبغي على أوباما القيام بها فوراً، بعضها بالتعاون مع حلفائنا في أوروبا و«الناتو»، والبعض الآخر بمفردنا. وهذه الخطوات تشمل: فرض عقوبات ضد البنوك الروسية المملوكة للدولة وكذلك المؤسسات المالية، وتوسيع نطاق تطبيق قانون «سيرجي ماجنيتسكي» لعام 2012 ضد مجموعة من المسؤولين في الكريملن، بما في ذلك بوتين؛ إنهاء جميع المفاوضات مع روسيا حول اتفاقية التجارة المحتملة أو تعزيز قطاع الأعمال. الدعوة لعقد اجتماع طارئ مع منظمة حلف شمال الأطلسي لطمأنه الدول الحليفة بـ«الناتو» التي تقع على الحدود مع أوكرانيا، والشروع في تعبئة القوات لتكون على استعداد لأي تطورات (المادة الرابعة من معاهدة حلف شمال الأطلسي تدعو إلى إجراء مشاورات حول المخاوف الأمنية)، إرسال سفن عسكرية أميركية إلى البحر الأسود تحسباً لأي طوارئ، الدفع لاستصدار قرار من مجلس الأمن بإدانة العدوان الروسي على جارتها، حتى وإنْ كانت روسيا سوف تعترض عليه بوضوح؛ وقد تكون هناك أمور أخرى ينبغي على أوباما القيام بها: فقد دعا البعض إلى نشر قوات أميركية بغرب أوكرانيا والعاصمة كييف، بينما قال البعض الآخر إنه ينبغي منح أوكرانيا عضوية «الناتو» على الفور. وينبغي على الولايات المتحدة أن تهدف إلى القيام باستجابات فورية، استجابات لا تؤدي إلى حدوث انقسامات داخل «الناتو»، كما يجب على أوباما ألا يعطي لبوتين أي لمحة عن حدود استجابة الولايات المتحدة لاعتداء روسيا، كما فعل هو ووزير خارجيته جون كيري في محاولتهما إثارة قضية حول شن ضربة عسكرية ضد الرئيس السوري بشار الأسد بسبب استخدامه الأسلحة الكيماوية. دع بوتين يتساءل ما مدى رد فعل الولايات المتحدة و«الناتو» إزاء هجومه العسكري على أوكرانيا. في عام 1994، وقعت كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا وبريطانيا مذكرة بودابست كجزء من اتفاق يقضي بأن تتخلى أوكرانيا عن أسلحتها النووية لروسيا. ويقضي هذا الاتفاق بأن تحترم الدول الموقعة، إلى جانب أشياء أخرى، استقلال وسيادة أوكرانيا داخل حدودها؛ وحماية أوكرانيا من العدوان؛ وتجنب ممارسة أي ضغوط اقتصادية على أوكرانيا. ومن الواضح أن روسيا قد انتهكت هذا التفاهم. أما الولايات المتحدة وبريطانيا فعليهما الرد، ونأمل أن تكون الحال كذلك بالنسبة لسائر أعضاء الناتو. لسنوات، لم يظهر بوتين أي احترام لنظيره الأميركي، كما كان يبدي الازدراء للغرب بوجه عام، وللولايات المتحدة بوجه خاص. سياسة أوباما في «إعادة الضبط» هي السبب جزئياً في تكشف ما يحدث في أوكرانيا، بعد أن أعطى بوتين جواز مرور فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها، والسياسات العدوانية نحو جيرانه ودعم الأنظمة القاتلة مثل النظام السوري. كما لم ير بوتين من الولايات المتحدة أي رادع أو عواقب نظير سلوكه المثير للغضب، مثل فرض عقوبات تجارية على جيران روسيا، في انتهاك لالتزامات منظمة التجارة العالمية أو القيام بأسوأ أعمال قمعية ضد حقوق الإنسان في روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. ----- ديفيد كرامر نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون روسيا وأوكرانيا سابقاً ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»