بين الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا... والسباق الأوروبي إلى إيران الموقف المنتظر من الاتحاد الأوروبي لدعم الشعب الأوكراني، ومستقبل عملية التفاوض بين طهران والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي، وتوقع تمديد فترة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية إلى ما بعد نهاية شهر أبريل المقبل، ثلاثة موضوعات استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. أوروبا والأزمة الأوكرانية نشرت صحيفة لوموند مقالاً تحليلياً حول الأزمة الأوكرانية والدور الذي يتعين على أوروبا أن تلعبه في دعم استقرار ذلك البلد، مؤكدة في بدايته أن تسارع الأحداث خلال الأيام الماضية يظهر بوضوح أن الأوكرانيين يريدون أن يحيوا في دولة أوروبية حديثة ينعمون فيها بنفس القيم التي ينعم بها جيرانهم في غرب القارة. ولكن كثيرين ينسون الآن وسط زحمة الأحداث أن المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع في كييف خلال شهر نوفمبر الماضي إنما فعلوا ذلك أصلاً احتجاجاً على موقف حكومة يانوكوفيتش حين قررت التراجع عن المضي قدماً في مفاوضات اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وطيلة الأشهر الثلاثة الماضية ظلت التظاهرات تلقى دعماً واسعاً من الشعب الأوكراني رغم ظروف الطقس القطبية الباردة، وكذلك القمع العنيف الذي تعاملت به قوات حفظ النظام مع المحتجين. والحقيقة أنه لا توجد أية دولة أوروبية أخرى قدم شعبها من التضحيات وأظهر من التعلق بالفكرة الأوروبية مثلما أظهر شعب أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية. وقد بذل وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبولندا جهوداً من أجل التوصل إلى اتفاق يحد من الصلاحيات الرئاسية وهو ما كان له دور في التغيير الذي تم إنجازه في النهاية بسقوط نظام يانوكوفيتش. ولكن حتى الآن لم يتجاوز الجهد الأوروبي هذه المرحلة بأية أفعال أو وقائع أخرى ملموسة، بل لعله اقتصر على تعبير كاثرين آشتون عن الانشغال الأوروبي بالأحداث، وهو تعبير عام وعائم ولا يستجيب لتطلعات أي كان في العاصمة كييف. ومع هذا خلال الأسابيع الأخيرة سجل في موقف الاتحاد الأوروبي تغير إيجابي نسبياً حيث بدت أوروبا أكثر مساعدة وتصميماً، خاصة أن إصدار عقوبات كان له دور كبير في التسريع بسقوط نظام يانوكوفيتش. ولكن الظرف الراهن يفرض أيضاً أن تبدي أوروبا قدراً أكبر من التصميم، تقول لوموند. ومن ضمن التدابير الضرورية في المدى القريب يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يسارع بإرسال مساعدة إنسانية لسكان كييف: أدوية ومستلزمات طبية (خاصة منها أجهزة الجراحة غالية الثمن)، كما يتعين أيضاً التكفل بالجرحى لتنويمهم في مستشفيات دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما كانت قد بادرت به سلفاً كل من بولندا وليتوانيا، ولكن يتعين أن يأخذ صيغة أكثر اتساعاً في بقية دول الاتحاد وأكثر تنسيقاً أيضاً فيما بينها. وفوق هذا طالما أن الوضع ما زال غير مستقر في كييف وفي المناطق الشرقية من أوكرانيا، يتعين على الاتحاد الأوروبي إرسال لجان مراقبين في مختلف المدن، لأن وجودهم الفعلي على الأرض سيكون فيه تعبير عن النوايا الأوروبية. ولاشك أن ما يتطلع إليه الأوكرانيون حقاً وقبل أي شيء آخر، وقد عبروا عنه مراراً وتكراراً، هو مستقبل علاقة بلادهم بأوروبا، وحتى الآن بدا الاتحاد الأوروبي غير قادر على قطع أي خطوة بهذا الشأن. والمفارقة أن الاتحاد طلب من أوكرانيا حزمة من الإصلاحات المؤلمة، ولكنه رفض في الوقت نفسه التصريح بما إذا كانت هنالك مبادرة مستقبلية بشأن عضويتها في نهاية هذا المسار وفي حال تم إنجاز كافة الإصلاحات المطلوبة. وهذا من شأنه إحباط تطلعات الطبقة السياسية الأوكرانية على رغم تبعات تحركاتها والثمن الباهظ الذي تدفعه في سبيل تعلقها بأوروبا. وليس هنالك الآن أي مسار أو تحرك في الاتحاد بشأن مستقبل العلاقة مع أوكرانيا. هذا مع أن الاتفاق المؤسس للاتحاد الأوروبي الصادر في سنة 1956 ينص صراحة على أن أية أمة أوروبية تستطيع الالتحاق بالمشروع الأوروبي، وهو ما يعني في المقام الأول أن عضوية أوكرانيا في الاتحاد لا يوجد ما يمنعها واقعياً أو تشريعياً، من حيث المبدأ. وفي مقال آخر بصحيفة ليبراسيون بعنوان «كييف، إنقاذ شرف أوروبا» قالت إن أول المستفيدين مما شهدته العاصمة الأوكرانية خلال الأيام الماضية هو الاتحاد الأوروبي نفسه. وحتى إذا كان اتفاق الشراكة قد تراجع قليلاً في سُلم اهتمامات الأوكرانيين فإن الرغبة العارمة في الالتحاق بالمشروع الأوروبي، والنظرة الإيجابية للقيم الأوروبية، ظلا هما عنوان تحركات الأوكرانيين في شوارع وميادين العاصمة كييف. وهذا مكسب رمزي يمكن البناء عليه لدعم أوكرانيا وتحويله إلى مكسب سياسي لشعبها ولأوروبا معاً. المفاوضات مع إيران تساءل الكاتب بيير روسلين في افتتاحية لصحيفة لوفيغارو عن مستقبل وأفق عملية التفاوض الدولي مع طهران حول برنامجها النووي، مؤكداً أن المسار الدبلوماسي انفتح الآن فقط بعد وضع قواعد اللعبة. ولئن كان التوصل إلى اتفاق نهائي ما زال بعيد المنال إلا أن إمكانية اجتراح مقايضة في النهاية تبدو اليوم موضع تفاؤل وتفاعل بين الطرفين. ولاشك أن الغربيين ومنافسيهم الدوليين الآخرين يتزاحمون الآن جميعاً لدخول سوق بعدد مستهلكين يصل إلى 80 مليوناً، وفي بلد كإيران ظل يعتبر لفترة طويلة إحدى أبرز القوى النفطية على صعيد عالمي. وهو بلد على كل حال في حاجة الآن إلى استثمارات وتمويلات واسعة. وفي الأسبوع الماضي تم وضع إطار في العاصمة النمساوية فيينا، للمفاوضات بشأن النووي الإيراني، التي تم التأكيد خلال الاتفاق الأولي في شهر نوفمبر الماضي، على أن تأخذ وقتاً ملائماً، وأن تمتد حتى 20 من شهر يونيو المقبل. وهو موعد يمكن على الأرجح تمديده أيضاً، وإن كان تسارع العملية التفاوضية زمنياً أمراً وارداً أيضاً. ومن مصلحة طرفي المفاوضات الرئيسيين، وهما الولايات المتحدة وإيران، أن يتم الضرب على الحديد وهو ساخن. ودافع طهران في ذلك هو دواعي التخلص بسرعة من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها، فيما دافع واشنطن هو الحاجة الماسة لاجتراح إنجاز دبلوماسي يحسب لإدارة أوباما. وكلما طال زمن التفاوض سيكون من الممكن لمعارضي عملية التفاوض على كلا الجانبين التعبئة ضدها لإفشالها وعرقلتها. ومن المعلوم أن كل أسبوع تأخير يكلف طهران مليارات الدولارات، ولذلك فإن قضية اللعب على الوقت تعتبر هي أيضاً في صلب العملية التفاوضية. وخلص الكاتب في سياق تحليله إلى أن الدبلوماسية الإيرانية تخوض معركة كسب قلوب منذ انتخاب الرئيس روحاني في يونيو 2013 وتكليفه لوزير الخارجية محمد جواد ظريف بالملف النووي. ويشتغل هذا الأخير بصفة خاصة على مسألة رفع العقوبات كأولوية. ويبدو أن الأوروبيين كالعادة يتسابقون الآن إلى طهران في أكبر قدر ممكن من الفوضى وعدم التنسيق. وقد أعلنت بريطانيا مؤخراً عن إعادة العلاقات الدبلوماسية. فيما سارعت إيطاليا، والسويد، وبلجيكا، وهذا الأسبوع بولندا، بإرسال وزراء خارجيتها، حتى دون انتظار زيارة آشتون المقررة خلال هذا الشهر. وفي الأخير خلص الكاتب إلى أن النظام الإيراني هو المستفيد حتى الآن من هذا التنافس. سلام الشرق الأوسط ضمن تغطيات صحيفة لوموند لجهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرامية إلى تحقيق توافق بين الفلسطينيين والإسرائيليين على إطار تفاوضي ضمن مسار عملية دبلوماسية ماراثونية ما زالت مستمرة قالت إن المفاوضات المباشرة بين الطرفين التي كان من المقرر لها أن تمتد لتسعة أشهر سيتعين تمديد فترتها حتى بعد حلول الموعد المحدد سلفاً بنهاية شهر أبريل المقبل. وقد أعلن كيري أنه يشتغل منذ يوليو 2013 على اتفاق إطار بين الطرفين، مؤكداً أن موعد الأشهر التسعة إن لم يحقق الأهداف فلن يكون ثمة مناص من التمديد، خاصة أن الأشهر السبعة الماضية استهلك معظم الوقت خلالها في تشكيل تصور عن موقفي الطرفين، ومحاولة وضع إطار وقواعد للعملية التفاوضية المستقبلية، التي يتوقع أن تكون شاقة بكل المقاييس وصعبة للغاية. إعداد: حسن ولد المختار