تولي دولة الإمارات العربية المتحدة البحث العلمي والتكنولوجيا المتقدمة اهتماماً استثنائياً، من منطلق إدراكها لدورهما في مسيرة التنمية والتطور في المجالات كافة، ولهذا لا تألو جهداً في دعم العلماء والباحثين، كما تحرص على تشجيع أبناء الوطن على تعلم التكنولوجيا المتقدمة، وإتاحة الفرصة أمامهم للاطلاع على أحدث ما تنتجه الدول المتقدمة في هذا الشأن. وهذا ما عبَّر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، لدى افتتاحه مؤخراً فعاليات الورشة الدولية السادسة للمواد المتقدمة «آي دبليو إيه إم 2014» التي ينظمها «مركز أبحاث رأس الخيمة للمواد المتقدمة»، حيث أكد سموه على «دعم دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، جهود العلماء والباحثين من مختلف دول العالم في مجال البحث العلمي، والتي تُعدُّ السبيل الأمثل لمواجهة التحديات البيئية والمناخية والصحية». الاهتمام بالبحث العلمي والعلوم التكنولوجية على وجه الخصوص تترجمه دولة الإمارات العربية المتحدة في خططها وسياساتها المختلفة، من خلال حرصها على توفير البنية التحتية التكنولوجية في مؤسسات التعليم المختلفة، وإرسال البعثات العلمية إلى الخارج للتخصص في مجال العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، وإنشاء «الهيئة الوطنية للبحث العلمي» في عام 2008، من أجل دعم مسيرة التنمية والاقتصاد المعتمد على المعرفة في المجتمع، وبناء نظام متطور للبحث والابتكار والإسهام في بناء إمكانات الدولة في المجالات الحديثة للبحوث العلمية مثل مجالات التقنيات والنانو تكنولوجي والهندسة والطاقة النووية، والطاقة المتجددة. أما فيما يتعلق بمجال الاهتمام بالعلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، فإن هناك العديد من المبادرات النوعية التي تستهدف بناء قاعدة من الكوادر المواطنة، لعل أبرزها هو برنامج «مبتكر 2014»، الذي أطلقته «لجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا»، مؤخراً، بهدف اكتشاف المواهب الشابة، والاستمرار في ترسيخ العلوم والتكنولوجيا والابتكار في مختلف المجالات والصعد، وكذلك «مهرجان أبوظبي للعلوم»، الذي يستهدف دعم المواهب الوطنية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وإتاحة الفرصة لطلاب الدولة للاطلاع على تجارب العلماء من مختلف أنحاء العالم في مجالات التكنولوجيا وعلوم الفلك والرياضيات. وفي هذا السياق أيضاً، يبرز الدور الرائد والمتميز الذي يقوم به «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» في إثراء حركة البحث العلمي وخلق مجتمع الإبداع والابتكار، حيث يتبنى المركز منذ إنشائه عام 1994 فلسفة تطويرية متجددة، تنطلق من القناعة بأن البحث العلمي ينبغي أن يكون في خدمة التنمية، وأن يسير مواكباً لحركة التطور التي تشهدها الدولة في مختلف المجالات، وهذا يتضح من تنوع الفاعليات والأنشطة التي يقوم بها المركز، والتي تسلط الضوء على قضايا مهمة ترتبط بمستقبل التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تناول «المؤتمر السنوي الرابع للتعليم» الذي نظمه المركز في العام 2013، «مستقبل التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة.. الابتكار وإنتاج المعرفة»، كما كان للمركز دوره المهم ومساهمته النوعية في بناء قاعدة علمية ومعرفية حول الكثير من القضايا الحيوية، كالطاقة والأمن المائي والغذائي والاستثمار في العنصر البشري وثورة المعلومات والاتصالات، وهي القضايا التي تتواكب مع رؤية الإمارات 2021 التي تستهدف بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة، وانطلاقاً من أن المجتمع الذي يُنتج المعرفة ويوظفها لخدمة التنمية هو الذي يفرض نفسه على خريطة التنافسية العالمية.