من الملفت أن التقرير الجديد الذي أصدرته الأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية يقارن الأوضاع في تلك الدولة بالفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية، ويسرد تفاصيل بعض الجرائم التي ارتكبتها ضد الإنسانية داخل معسكرات العمل الواسعة بالبلاد بما في ذلك «الإبادة الممنهجة، والتعذيب، والاغتصاب، والإجهاض القسري، والمجاعة». وأوصت اللجنة التي أعدت التقرير بمحاكمة كبار القادة في تلك البلاد من طرف المحكمة الجنائية الدولية، على رغم أن ذلك غير مرجح تماماً طالما أن الصين، وهي حليف لكوريا الشمالية، تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. ويأخذ الكاتب جوناثان فريدلاند، بصحيفة «الغارديان»، بعين الاعتبار احتمال تقاعس دولي رداً على هذا التقرير، كما حدث من قبل مع تقارير مماثلة تقشعر لها الأبدان حول سوريا. ويشير إلى أنه مع تدخل الصين وروسيا، على التوالي، للوقوف إلى جانب حلفائهما الاستبداديين وسأم الجماهير الأميركية والأوروبية من التدخل العسكري، فإن اليوم أصبح هو الوقت المناسب لكي تصبح ديكتاتوراً، أو جزاراً أو زعيم نظام وحشي يقترف ممارسات غير قانونية. إنها بالتأكيد مسألة تستحق النظر خلال انعقاد دورة الألعاب الأوليمبية في دولة تتهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في الداخل ويرتكب بعض حلفائها جرائم أسوأ في الخارج. إن هذا حقاً وقت مثالي للتمتع بالحصانة الديكتاتورية. وأريد أن أشير، على رغم كل ذلك، إلى أن كوريا الشمالية قد لا تكون هي المثال الأكثر فائدة في هذا المقام. إن مملكة «هيرمت» (كما كان يشار لكوريا ذات يوم) هي بمثابة دولة منعزلة في العالم الحديث، وهي دولة صعبة بالنسبة لمواطنيها ولا تبالي إلى حد كبير بتحقيق أي نوع من الألق الدولي. إنها حتى على استعداد لإثارة أهم داعم دولي لها. وبعض الدول، حتى تلك التي لها ديكتاتوريات قاسية، ربما لا تنظر إلى سلبية العزلة الدولية لكوريا الشمالية ولكن تراها كنموذج يحتذى به. وعلى سبيل المثال فبشار الأسد، فيما هو على أتم استعداد لإسقاط براميل مملوءة بالمسامير وحديد التسليح على شعبه للحفاظ على السلطة، إلا أنه قد لا يجد مشكلة في أن يأكل المقبلات في منتجع «دافوس» ويتحدث عن النمو الاقتصادي لبلاده. وهناك أكثر من مثال آخر على الزعماء السياسيين في العالم الثالث وخاصة في القارة الأفريقية الذين تنسب إلى نظمهم ممارسات فساد وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ولكن كما كتب سام ستورجيس في صحيفة «ماكلاتشي» هذا الأسبوع، فإنه من غير المرجح مطلقا أن تمارس الولايات المتحدة أي ضغوط على أي حكومة وذلك بفضل الشراكة الأمنية طويلة الأمد بينها وبين كثير من نظم القارة. وبدءا من التسعينيات، دخلت الولايات المتحدة في شراكات وقدمت مساعدات لبناء قدرات عسكرية قوية لبعض النظم الأفريقية وخاصة في شرق القارة، حتى يتسنى الاعتماد عليها للمساعدة على استقرار الأوضاع الصعبة في جميع أنحاء وسط وشرق أفريقيا. ومرة أخرى، تلزم الإشارة إلى أن الأوضاع على الأرض في القارة ليست متساوية بأي شكل من الأشكال، فهناك من هو أكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان مقارنة بالآخرين، ولكن بعض زعمائها يزيدون استبدادية بصورة مستمرة ولكنهم من الناحية الاستراتيجية يكتسون فائدة للقوى العالمية العظمى، وقد يكونوا أمثلة حية على الكيفية التي يمكن بها أن يصبح الزعيم ديكتاتوراً في عالمنا اليوم، حتى أكثر من رئيس كوريا الشمالية «كيم جونج أون». ------- جوشوا كيتينج محلل سياسي أميركي ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»