من يريد أن يعرف إلى أين بلغت الأكاذيب الإسرائيلية حول اتفاق الإطار الذي يتم التفاوض عليه حالياً تحت وساطة أميركية، يجدر به أن يقرأ بعناية المقال الذي كتبه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 2014/2/13 وأن يركز ببصيرة على ما جاء بين السطور والأجزاء المهمة فيه. فقد كان الكاتب واضحاً في تفسيراته حول ما سوف تنتهي إليه المفاوضات الجارية حالياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ حسب قوله فإن كيري ليس وسيطاً نزيهاً والولايات المتحدة لا يمكن أن تكون محايدة بين الطرفين. ويضيف الكاتب موضحاً: «إن اسم اللعبة التي تجري في الساحة السياسية الآن، هي استغلال ضعف السلطة الفلسطينية، فحينما يناضل العالم العربي أنظمة حكمه والعالم الغربي تعب من الصراع الذي لا نهاية له، أصبح الفلسطينيون يقفون وحدهم في مواجهة مصيرهم، وتحاول أميركا أن تركعهم وتجعلهم يستسلمون، فإذا نجحت فسيكون ذلك بكاءً لأجيال طويلة». ثم يكمل الحديث في استشرافه للواقع السياسي الذي ستكون عليه القضية الفلسطينية بعد التوقيع على الاتفاق الإطار الذي يدفع الأميركيين نحوه: «إذا نجح كيري في جهوده ووقع الفلسطينيون على كتاب الاستسلام، فسيبقى 80 في المئة من المستوطنين في مواقعهم ولن تقسم القدس في الحقيقة، ولن تقسم إلى درجة أن تُجعل عاصمتين، وسيبقى غور الأردن مع إسرائيل مستأجراً أو مستعاراً، وستكون الدولة الفلسطينية الوهمية منزوعة السلاح، وستبقى غزة محاصرة وسجينة ومنسية، وستبقى حماس ومعها نحو نصف أبناء الشعب الفلسطيني مقطوعة ومنبوذة، وسيتم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية كاملة، وسيلغي حق العودة إلى الأبد لكل اللاجئين الفلسطينيين، وستتم الاستجابة لمطالب الترتيبات الأمنية لصالح إسرائيل وحدها». هكذا حدد عون ليفني معالم الصورة التي ستكون عليها الأوضاع في فلسطين والمنطقة العربية بعد التوقيع على الاتفاق، فالإسرائيليون والأميركيون يفعلون كل شىء لتمرير مشروعهم الذي يستهدف القضية الفلسطينية والمنطقة العربية، ومخطط إسرائيل لإدراج الأقصى في قائمة «التراث اليهودى» هو مرحلة متقدمة في الطريق نحو تحقيق هذه الأهداف. ولم يكن الكاتب الإسرائيلي عاموس غلبوع بعيداً عن توصيف هذه الحالة عندما قال في مقاله «لسان الكذب طويل في إسرائيل» («هاآرتس»/2014/2/17)، إن «صناعة الأكاذيب الإسرائيلية تحطم أرقاماً قياسية جديدة». لذلك أعتقد أنه ينبغي أن تكون هناك قراءة عربية واعية ودقيقة لما يحدث، خاصة فيما يتعلق بالوضع الذي ستكون عليه القضية الفلسطينية بعد ذلك الاتفاق. ووفقاً للكاتب «آفرايم عتبار»، في مقاله «مقاطعة إسرائيل اقتصادياً لن تضرها» («إسرائيل اليوم»/2014/2/13)، فإن السبب وراء هذا التوجه الأميركي الإسرائيلي يرجع بشكل كبير إلى: 1- انخفاض قوة العالم العربي السياسية، وهو الظهير الطبيعي للفلسطينيين. 2- التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها مصر كأكبر الدول العربية وأهمها. 3- ما ير به العالم العربي من أحداث خطيرة وعلى الأخص في العالم السني. 4- اتجاه الولايات المتحدة إلى الاستقلال في مجال الطاقة، مما يضعف أيضاً القوة العربية. وربما قالها الكاتب الإسرائيلي «آري شبيط» بوضوح في مقاله «على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل» («هاآرتس»/ 2014/2/13)، وذلك عندما شدد على أن الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني هو صراع قومي ديني حضاري اجتماعي عميق!