هنيئا لكم! فأنتم شباب في مقتبل العمر وتتمتعون بصحة جيدة. ولكن ماذا لو أنكم تكافحون لإيجاد وظيفة وسط اقتصاد حالته مزرية وتعمه الفوضى؟ إنكم تستطيعون القيام بأي شيء رغم ذلك، أليس كذلك؟ كلاً، ليس صحيحاً، ذلك أن الملايين من الشبان والشبابات عبر الولايات المتحدة وأوروبا يعانون من البطالة، أو من عمل منخفض الأجر لا يرقى إلى مستوى مهاراتهم ومؤهلاتهم الحقيقية، وما زالوا يعيشون في بيت الوالدين، ويؤخرون الزواج وإنجاب الأطفال واختيارات مهمة أخرى في وقت يسعون فيه إلى شق طريق لهم في عالم مازال يحاول التعافي من أسوء أزمة اقتصادية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ولذلك، سماهم البعض «الجيل الضائع» للركود الكبير – وعلماء الاقتصاد قلقون بشأن تأثيرات ذلك على حالتهم النفسية على المدى الطويل. في 1979، جادل ديفيد تي. إيلوود عالم الاقتصاد بجامعة هارفارد بأن حتى البطالة المؤقتة بين المراهقين يمكن أن تترك في نفسيتهم «ندوبا» بسبب «التأثيرات (الدائمة) لتجربة فقدان العمل». أما اليوم، فيقول علماء الاقتصاد إنها يمكن أيضاً أن تجعلهم «ديمقراطيين» نسبة إلى الحزب «الديمقراطي» ينتمون إلى «اليسار» مدى الحياة إذا كانوا أميركيين بالطبع. فقد أجرت «باولا جوليانو» من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وأنتونيو سبيليمبيرجو من صندوق النقد الدولي دراسة جديدة تسعى لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر تجربة الركود خلال السنوات الأولى الحاسمة والمشكِّلة للقيم الشخصية من فترة الشباب على الآراء السياسية للأشخاص. أتعتقدون أن أولئك الشباب المجانين من حركة «احتلوا وول ستريت» يمرون من مرحلة وحسب؟ فكروا مجدداً، ذلك أن التعرض لصدمة اقتصادية بين سني السابعة عشرة والخامسة والعشرين يمكن أن يؤثر بشكل دائم على أفكار الأفراد بخصوص الكيفية التي ينبغي بها تنظيم المجتمع، يقول الباحثان. فبعد تحليلهما لمعطيات دراسات من 1972 إلى 2010 في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، وجدت جوليانو وسبيليمبيرجو أن التعايش مع تجربة الركود في مرحلة الشباب يزيد من احتمال أن يعتقد الناس أن الحكومات يجب أن تكون مسؤولة عن مساعدة الفقراء وأن الحظ يلعب دوراً مهماً في النجاح. كما أنه يزيد من احتمال أن يعرِّفوا أنفسهم باعتبارهم ليبراليين وأن يصوتوا لصالح الحزب «الديمقراطي»، (والواقع أن احتمال أن تؤثر صدمة اقتصادية في فترة الشباب على السلوك السياسي للفرد أكبر أربع مرات من البطالة الحالية). هذا علما بأن التأثير لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط؛ حيث وجدت «جوليانو وسبيليمبيرجو»، اللذان استعملا بيانات من دراسات عبر العالم على القيم الشخصية، أن عيش تجربة الركود الاقتصادي يجعل الناس أكثر تشاؤما وأقل ميلا إلى الإيمان بعالم عادل. هذا ليس محزناً فحسب، وإنما هو أيضاً خبر سيء بالنسبة للحزب «الجمهوري»، وذلك لأن «الجيل الضائع» اليوم ربما يشعر بالعجز واليأس الآن، ولكن أعضاءه سيكونون ناخبين على مدى عقود مقبلة! ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أليشا بي. كيو. ويتميار محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»