ذكرت جماعة «سيريس» المعنية بالاستثمارات الخضراء في دراسة صدرت خلال الآونة الأخيرة أن ما حققته الولايات المتحدة من طفرة في الطاقة يعزز الطلب على المياه التي تتزايد الحاجة إليها بالفعل بسبب الجفاف وتزايد عدد السكان. وتقول الجماعة إن عملية استخراج النفط والغاز من الطبقات الصخرية تحت الأرض والتي تعرف بعملية التفتيت الهيدوروليكي تطلبت 100 مليار جالون من المياه تقريباً للتنقيب في أكثر من 39 ألف بئر للغاز والنفط الصخريين في الولايات المتحدة منذ عام 2011. والتفتيت الهيدروليكي هو عملية ضخ خليط من المياه والرمل والكيماويات بضغط عال لتفتيت تكوينات الصخر الكثيفة مما يسمح بتدفق النفط والغاز من وسط الصخور إلى أعلى. وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من نصف هذه الآبار (55 في المئة) تقع في مناطق ضربها الجفاف وما يقرب من النصف يقع في مناطق في حاجة شديدة أو بالغة الشدة للمياه مثل ولاية تكساس. وتفسر سيريس الحاجة بالغة الشدة إلى لمياه بأنها تعني أن 80 في المئة من المياه المتاحة على السطح وفي باطن الأرض تُستغل بالفعل في استخدامات السكان والزراعة والصناعة، وتقول إن الحاجة الشديدة للمياه تعني أن نسبة تتراوح بين 40 و80 في المئة من هذه المياه تستغل بالفعل لهذه الأغراض. وتحُفر آبار للنفط الصخري بسرعة في مناطق استنفدت فيها المياه الجوفية بالفعل في استخدامات أخرى منها الزراعة واستخدامات السكان. وذكرت الدراسة أن أكثر من 36 في المئة من الآبار البالغ عددها 39 ألفاً على امتداد البلاد والتي حفرت منذ عام 2011 تقع في مناطق تعاني بالفعل من استنفاد المياه الجوفية. وأوضحت «مونيكا فريمان» مؤلفة الدراسة أن عملية التفتيت الصخري رغم أنها تستخدم مياه أقل بكثير مما يستخدم في الزراعة والاستخدامات السكانية، فإن التأثير قد يكون كبيراً على مجتمعات بعينها، و«يفاقم مشكلات المياه القائمة بالفعل». وتشير «فريمان» إلى أن التفتيت الهيدروليكي هو «آخر من حل على المائدة» وتقول إن الطلب على المياه «يباغت مناطق معينة»، وتؤكد على أن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لترشيد استخدام المياه على نحو أفضل مع الأخذ في الاعتبار التعارض بين الاستخدامات المتنافسة. ويوجد في ولاية تكساس أعلى تركيز لأنشطة التنقيب بالتفتيت الهيدروليكي للصخور في الولايات المتحدة. وتقول «سيريس» إن أكثر من نصف آبار الولاية التي حفرت منذ عام 2011 تقع في مناطق شديدة أو بالغة الافتقار إلى المياه. وحفرت نسبة 97 في المئة من الآبار في كولورادو ونسبة 96 في المئة من الآبار في كاليفورنيا في مناطق حاجتها شديدة أو بالغة الشدة للمياه. وتؤكد صناعة النفط والغاز أنها تبذل الكثير من الجهد لإعادة استخدام المياه وتدويرها. وأشارت إلى أن إجمالي استخدام المياه في التفتيت الهيدورليكي للصخور صغيرة. وفي ولاية كولورادو فإن استهلاك المياه في استخراج النفط والغاز يمثل 0.1 في المئة من إجمالي طلب الولاية على المياه بينما في تكساس تبلغ النسبة المستخدمة من المياه في هذا الغرض أقل من واحد في المئة بحسب ما تقول «كيتي براون» الباحثة في مركز «انيرجي إن دبث» وهو الذراع البحثي لشركة «اندبندنت بتروليوم اسوسيشن أوف أميركا» وتوصل تقرير صدر في الآونة الأخيرة صادر عن جامعة تكساس أيضا إلى أن التفتيت الصخري لاستخراج الغاز الطبيعي يوفر المياه بصفة عامة بتسهيل عملية انتقال المنشآت من استخدام الفحم إلى استخدام طاقة الغاز الطبيعي. وقالت براون إن هذا بدوره يساعد في «حماية الولاية من نقص المياه». ويقول «ماركوس جاي» وهو مدير أبحاث المياه في شركة أي. أتس. إس. جلوبال انسايت التي تعمل في مجال الصناعة والتمويل إن المزيد من إعادة تدوير المياه سيحدث لأن الشركات «تدرك المخاطر الاقتصادية التي تواجهها» فيما يتعلق بالحصول على المياه المطلوبة. وذكر تقرير صدر في الآونة الأخيرة عن الباحث «جان فيليب نيكوت» من جامعة تكساس أن شركات إنتاج النفط والغاز في منطقة «بارنيت» للنفط الصخري في المنطقة الشمالية من ولاية تكساس لا تقوم بتدوير إلا خمسة في المئة فقط من المياه التي تستهلكها في الوقت الحالي. ويقول نيكوت إن هذا يمثل على الأرجح النسبة المتوسطة فيما يتعلق بالتفتيت الصخري في أنحاء تكساس. والمنتجون في بنسلفانيا يبذلون الكثير من الجهد لإعادة تدوير المياه لأنهم يفتقرون إلى إمكانية وصول جيدة إلى آبار عميقة لتخزن فيها المياه المستنفدة. وقال نيكوت إنه بالنسبة للشركات «فمن الأرخص لها أن تعيد تدوير المياه» بدلا من شحن المياه من خارج الولاية إلى آبار عميقة. ولأن الرمل من أهم مكونات الخليط الذي يضخ وسط التكوينات الصخرية لاستخراج النفط الأحفوري ضمن عملية التفتيت الهيدروليكي فقد ترتب على ذلك حدوث طفرة أخرى في الولايات المتحدة تمثلت في الطلب المتزايد على الرمال. ومن المتوقع أن تستخدم شركات الطاقة 25 مليون طن من الرمل هذا العام لضخها في آبار النفط والغاز الطبيعي وزاد استخدام الرمل بنسبة 25 في المئة منذ عام 2011. لكن زيادة الطلب على الرمل تثير القلق على سلامة العاملين ومخاوف المعارضة المحلية من أن تتسبب الأتربة العالقة في الهواء بسبب نقل الشاحنات الثقيلة للرمال من المقالع إلى محطات المعالجة ومستودعات السكك الحديد في أمراض. وتقول المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها إن الحبيبات الدقيقة المنطلقة أثناء عملية إعداد الرمل قبل ضخه في آبار النفط الصخري قد تسبب الربو وسرطان الرئة. جولي شميت كاتب أميركي متخصص في الشؤؤن العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»