صبرت الإمارات كثيراً على المتهجّمين، وآخرهم يوسف القرضاوي. استخدم هذا الشخص منبراً دينياً رسمياً ممثلاً بجامع عمر بن الخطاب، وامتطى شاشة رسمية هي تلفزيون دولة قطر الرسمي للهجوم الأهوج على الإمارات العربية المتحدة. قطر لم تدِن الحدث، وهذا أمر يثير الريبة، فهل قطر دولة شقيقة أم دولة عدوة. والإعلام الإماراتي الرسمي لا زال يسميها الشقيقة وأخشى أن تتحول من الشقيقة (بالمعنى الأخوي) إلى الشقيقة (بمعنى الصداع المزعج)! القرضاوي هاجم الإمارات والسعودية، متهماً إياهما بالهجوم على الحكم الإسلامي، علماً أن السعودية دولة دينية تحكّم الكتاب والسنة، وهي الدولة التي اعتذر لعلمائها القرضاوي قبل أشهر قليلة حين تبين له الصواب في موقفه من «حزب الله»! أما الإمارات فهي دولة مدنية مسلمة بالتسامح، وليست بحاجة إلى صكوك براءة من القرضاوي أو غيره، وهي تدعم الإسلام لكن القرضاوي يريدها أن تدعم «دولة الحزب الواحد» التي يعارضها أصلاً الشعب المصري، كما رأينا في الثورة الكاسحة في 30 يونيو! يصر بعض الأصوليين والمتطرفين على استهداف الإمارات، إذ يرون فيها النموذج الذي يستفزهم، لأنها دولة مدنية جعلت من التسامح والاعتدال في الدين منهجاً في التعليم وفي الحياة وفي البيوت. مشاريع ابن لادن والظواهري والقرضاوي وسواهم لا مكان لها في هذه المنطقة التي أخذت على عاتقها عيش الدين لا تسييسه، والفناء في روح الإسلام لا امتطاؤه. ومنذ أن حارب الشيخ زايد في السبعينيات والثمانينيات تلك الخلايا المنفلتة المتناسلة، ومنذ أن قال جملته الشهيرة عن أن «الإخوان المسلمين» يستخدمون السلاح وسفك الدماء منذ تلك اللحظة وهم يخافون من الإمارات ويهاجمونها لأنها دولة معتدلة لا تستخدم الدين بل تخدمه. قبل أيام شنّ القرضاوي في خطبته من على منبره في جامع عمر بن الخطاب في الدوحة، ونقلت على التلفزيون الرسمي القطري هجوماً على الإمارات. مدّعياً أنها تحارب أي حكم إسلامي. ولا أدري من أين جاء بهذا الكلام؟! الإمارات تدعم الإسلام وأطلقت ُمدن صحية وتعليمية على الراحل الشيخ زايد سواء في فلسطين أو مصر أو لبنان. الإمارات تدعم الإسلام لكنها لن تدعم المستخدمين للإسلام! ثمة فرق بين من يستخدم الإسلام ومن يخدمه. كل الدول المعتدلة وعلى رأسها الإمارات لا ترحب بالأيديولوجيات التي تزعزع الأمن. أما حكم الإسلام فهو معمول به في كل دول الخليج والدول الإسلامية ولا معنى للمزايدة عليها في هذا الموضوع. لقد كرر هذا الشخص الإساءات إلى الإمارات والسعودية وسواهما من الدول الصديقة لمصر والتي دعمت الشعب المصري لا جماعة «الإخوان» المصرية. معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية عبّر خلال الاستدعاء عن بالغ استياء حكومة وشعب دولة الإمارات، مما تلفظ به المدعو بحق الإمارات، وعبر التلفزيون الرسمي لدولة جارة وشقيقة. وفي تصريحه قال: «لقد سعينا طيلة الأيام الماضية إلى احتواء المسألة، من خلال الاتصالات المستمرة رفيعة المستوى بين البلدين، ولكن هذه الاتصالات لم تسفر إلا عن تصريح رسمي لم يشر إلى موقف حاسم، يرفض ما جاء في خطاب القرضاوي، ويقدم الضمانات بعدم وقوع مثل هذا الأمر مجدداً». على القرضاوي وسواه أن يعلموا أن الدول ليست مادةً للسخرية وملء الخطب وتهييج العامة، وأن المسار الذي اتخذته الإمارات تجاه مصر هو مسار قديم منذ عهد زايد. الفرق أن القرضاوي يريد من الإمارات أن تدعم جماعة «الإخوان» فقط، بينما الإمارات تدعم كل الشعب المصري بكل أطيافه من خلال دعم التعليم والصحة والتنمية والبنية التحتية، وهذا ما يوغر صدر القرضاوي وأتباعه من المتطرفين.