أضاعت إدارة أوباما فرصة اتخاذ خطوة جريئة لتوفير المال عندما زار وزير الدفاع تشاك هاجل قاعدة «إف. إ. وارين» الجوية في ولاية وايومينج التي بها جناح الصواريخ التسعين الذي يضم ما يقدر بنحو 150 صاروخا باليستيا عابرا للقارات من طراز «مينتمان الثالث» وهي في حالة تأهب على مدار الساعة. ولو أن هناك مخلفات مكلفة من تركة انفاق الحرب الباردة تحتاج الى عملية إعادة فحص جذرية، لكانت هي قوة الردع النووية الاستراتيجية الأميركية، وهو برنامج يبلغ كلفته 355 مليار دولار أو أكثر في السنوات العشر المقبلة بحسب ما يقول مكتب الميزانية التابع للكونجرس الأميركي. ومن هذا المبلغ يُستخدم نحو 89 مليار دولار لتحديث وإحلال الصواريخ البالستية العابرة للقارات الحالية والصواريخ التي تطلق من البحر والقاصفات، بالإضافة إلى صواريخ كروز الجديدة التي تطلق من الجو. وتبلغ كلفة تشغيل القوات النووية هذا العام 18 مليار دولار لكن مع بداية جهود التحديث سيكون على دافع الضرائب أن يضيف عشرة مليارات أخرى في العام من الكلفة بحسب ما يقوله مكتب الميزانية التابع للكونجرس. وبموجب العمل بالمعاهدة الجديدة لتقليص الأسلحة الاستراتيجية التي سيسري العمل بها عام 2018 ستكون الولايات المتحدة وروسيا قد نشرت 1550 رأساً نووياً استراتيجياً، أكثر من نصفها في حالة تأهب على مدار الساعة في 700 نظام إطلاق طويل المدى للصواريخ البالستية عابرة القارات والصواريخ البالستية التي تطلق من البحر والقاصفات. ما سبب هذا العدد الكبير الجاهز للإطلاق فيما عدا أن هذا هو الحال منذ سنوات؟ وعلى سبيل المثال، لماذا لدى الولايات المتحدة ضابطان من القوات الجوية في مخابئ تحت الأرض تشبه الكبسولة على عمق 30 قدما ويعملان أحيانا لمدة 12 ساعة في مراكز التحكم في إطلاق صواريخ «مينتمان الثالث» كتلك التي بالقرب من قاعدة «إف. إ. وارين» الجوية؟ وهناك يتحكم الضابطان في عشرة صواريخ بالستية عابرة للقارات كل واحد منها له رأس حربية أكثر قوة عشرين مرة تقريبا من تلك التي حطمت هيروشيما وهي مستعدة للإطلاق في غضون دقائق من صدور أمر مؤكد. وقال «هاجل» إنه بعد أن منعت القوة النووية ما وصفه بالحرب «الكبيرة» فإن الوقت قد حان «كي ننظر إلى التحديات والتهديدات الجديدة التي تواجه العالم اليوم». وأشار إلى العالم الرقمي باعتباره «تهديداً هائلاً» ويتعين أيضاً أن يظل الإرهاب ماثلاً في ذهنه رغم أنه لم يقل ذلك. وما لم يقله هاجل أيضاً هو الخوف من ضربة أولى كبيرة قد تفقد الولايات المتحدة قوتها النووية الرادعة وهو الخطر الذي كان يشكله الاتحاد السوفييتي الذي لم يعد موجوداً الآن. وأشار «هاجل» بشكل غير مباشر إلى المشكلات التي لاحقت بنية القوة النووية في العامين الماضيين مع انحسار دورها المركزي في تخطيط «البنتاجون» منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. وتوصلت دراسة لم تنشر أجرتها مؤسسة «راند» بين ديسمبر 2012 وفبراير 2013 إلى أن الذين يعملون في قوة الدفاع النووية الصاروخية «رضاهم عن العمل منخفض ويشعرون في الغالب بإنهاك مرتبط به». أمام الإدارة فرصة لتقليل جاذبية الأسلحة النووية من خلال خفض الأعداد من جانب واحد وإلغاء حالة التأهب في بعض الأنظمة المنتشرة والطلب من القوى النووية الأخرى أن تفعل نفس الشيء. وهذا أقل بكثير جدا من مشروع عالم خال من الأسلحة النووية (جلوبال زيرو) وهو هدف بعيد يدعمه كل من أوباما وهاجل. الولايات المتحدة ستوفر المال وستظل أقوى قوة عسكرية في العالم. والتر بينكوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»