إدارة الجودة المجتمعية الشاملة والتميز المجتمعي هي فلسفة إدارية مجتمعية، لربط القطاع العام والخدمات العامة بمعدلات الإنتاجية النوعية والأمن والأمان والصحة البدنية والنفسية والروحية والبيئية والرضا والسعادة في العيش لسكان دولة ما ضمن بيئة عمل وعيش بمعايير دولية متقدمة وبنية تحتية متفوقة تعد ضمن الأفضل عالمياً. كما تتضمن أيضاً تمكيناً فردياً وجماعياً متنوعاً ومستداماً، لتشترك كل هذه العوامل في منظومة إدارة التميز المجتمعي، والأداء المؤسسي للقطاع العام وأداء الشعب ككل، أو ما أسميه الأداء الشعبي في تمازج ووحدة، يشارك فيها الجميع لضمان مخرجات مميزة في مجتمع إنساني مكتف ذاتياً، أو تتوفر له ضمانات وآليات وإمكانيات تدفق المواد الأولية والمصنعة وغيرها في سلسلة التموين الغذائي والصناعي والتكنولوجي...الخ للاستمرار في العيش وفق مستوى العيش النوعي المعتاد عليه. وفي ظل مفهوم الجودة المجتمعية الشاملة يُقاس ويُقيم ويحلل أداء المجتمع ككل، ليعرف مدى ما حققه المجتمع من إنجاز للمؤشرات الموضوعة وفق معايير حقيقية ومعدلات كفاءة وكفاية كمية وكيفية، وقراءة مؤشرات الرضا الشعبي، ومدى رضا المستفيد، وهل حصل على نتائج وأداء صحيح من أول مرة، وفي كل مرة، وخدمات تناسب التوقعات لتتحقق الجودة أم فاقتها ليتحقق التميز، وهل تلبي تلك الخدمات والمخرجات الاحتياجات الذاتية، ويوجد هناك نظام مشاركة مجتمعي لتحقيق تلك الاحتياجات والمساهمة في جودة الأداء والخدمات أو حصول طفرة وتحسن مستمر في الخدمات في مقارنة معيارية مع الأفضل في العالم، ووفق نظم صممت لتخدم بيئته المحلية، ولا تتعارض مع قيمه وثقافته بعد أن أضيفت لها جوانب لتكييف نظم الجودة لتخدم المستهلك المحلي ولا تتجاهل أو تترك في الخلف باقي مكونات المجتمع، بالإضافة إلى إجراءات تحسين وتصحيح مستدام بعد معرفة أبعاد وأسباب الفجوات. الجودة المجتمعية الشاملة، تضع بعين الاعتبار رضا وحصول كل مستخدم بغض النظر عن السن والجنس والمنطقة الجغرافية على نفس مستوى الجودة الخدمية المرتفع وتذليل وإزالة العوائق والصعوبات والتحديات بإشراك الجميع في حلها، وتعطي الجميع الفرصة في المساهمة في تحسين الخدمات وربطها بـ"المحاسبية" المجتمعية. فعندما تُنفذ مشاريع خدمية تمس حياة المواطن بصورة مباشرة على سبيل المثال تشرك الفئة المستهدفة في المرحلة الأولية المسحية قبل تطوير تصاميم المشاريع، وتوضع التقارير الفنية البيئية والمخاطر المحتملة في متناول المستخدم النهائي لتلبي احتياجات المستخدم على أن تنال رضاه النوعي ولا تستخدم مواد تقل عن مستوى المعايير الدولية الأفضل ومثال آخر هو إشراك الأهالي والطلبة والمدرسين والشعب بصورة عامة في وضع حلول لتحسين مستوى التعليم النوعي بما يخدم متطلبات الدولة التنموية والسوق المحلية والدولية، وأسهل طريقة لإشراك الشعوب في تحسين الخدمات العامة والمشاريع العامة، ومواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المجتمعات، هي مراكز تفكير وعصف ذهني وطنية ذكية افتراضية دائمة تعمل على مدار الساعة وطوال العام تمكن الكل أن يشارك في أفكار ومقترحات إبداعية واحترافية للتطوير، وصنع الفارق على أن تشكل لجان محترفة ولجان من المستخدمين النهائيين للخدمة لدارسة تلك المقترحات وضبط الجودة قبل اعتمادها، أو أن يشارك المجتمع في تصويت إلكتروني على تلك المقترحات، وتُفنَّد من قبل لجنة مهنية متخصصة أخرى تتبع متخذي القرار لتأكيد الجودة ولرفع التوصية النهائية للجهات السياسية العليا، لاعتمادها بما يتناسب مع الميزانيات العامة بعد إجراء مقارنة معيارية، وتمارين طاولة وسيناريوهات افتراضية لتجربة المقترح، قبل رفعه ضمن المقترحات الثلاث الأكثر ملاءمة، على أن تنفذ التوصيات على مراحل وفق الأولويات الوطنية بداية بتجربتها على عينة فحص محددة قبل تعميمها على المجتمع. ففي السويد مثلاً، تتعاون المنظمات غير الربحية والشركات والقطاع العام في مشاريع مشتركة للنفع العام، ويتم تنظيم السكان في شكل مجموعات للتحسين المستمر للمناطق السكنية المختلفة لتكوين صناديق استثمار مجتمعية أو تبادل التجارب الناجحة في كيفية النجاح والتفوق العلمي للأطفال، أو الحفاظ على الصحة العامة والنجاح في العلاقات العائلية ..الخ مما يرفع من مستوى معيشة السكان ويوفر على الدول مليارات في الصرف لاحقاً على تعديل مسار التعليم أو الفشل العائلي أو مصاريف العلاج لمواطنيها وتسمى تلك العملية «دورة PDSA » وهي تغطي جميع الحالات التي قد تواجه مقيماً في المجتمع وتنفيذ إدارة الجودة الشاملة بنجاح على قضايا المجتمع، حيث لا يضطر المواطن العربي للسفر خارج البلاد للحصول على خدمات معينة أو إدخال الأبناء في المدارس الخاصة هرباً من نوعية التعليم في القطاع العام وأن لا تكون مخرجات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والمهني والفني والتقني في وادٍ ومتطلبات سوق العمل في وادٍ آخر، ويحتاج الشخص للتأهيل لسنوات طويلة قبل أن يكون مؤهلاً لشغل منصب خريج جامعي، وأن يجد من لا يرغب في الدارسة الجامعية حلولاً تحتوي مهاراته وتشركه بفعالية في سوق العمل والقضاء على الفقر بكل أنواعه المادي والمعنوي والروحي والتكنولوجي والمعرفي..الخ ونظم قياس العدالة الاجتماعية على أن يكون موظفو الدول العربية موظفين دوليين يتمتعون بمواصفات عالمية تمكنهم من العمل في أي مجتمع في العالم بكفاءة وفعالية وتفرد . كما أنه لا يُعقل أن تفوز نفس الجهات الحكومية بمعظم جوائز التفوق والتميز الحكومي في كل عام وهو دليل على وجود فجوة في استخدام معايير قياس أداء القطاع العام والتركيز بصورة أكبر على قياس الإجراءات الإدارية والتشغيلية الداخلية. وربما يعني هذا وجود تحديات حقيقية لم يتم التعامل معها بفعالية وإيجابية أكثر من كونه تطوراً في الأداء على المستوى العام لكون الجميع يجب أن يمارس أفضل الممارسات المتبعة في باقي الدوائر المتميزة، وتضع الآليات والنظم والإجراءات التصحيحية الملائمة لرفع الأداء ككل في القطاع العام والفوارق يجب أن يصنعها تصويت الجمهور ورضاؤه عن الخدمات ومساهمة تلك الجهة في التنمية المجتمعية والحفاظ على البيئة والهوية الوطنية وتشجيع الإبداع والاختراع وعدد الأبحاث العلمية التي أجراها منتسبوها، ونسبة تأثير ومساهمة تلك الجهة في رفع نوعية الحياة للسكان وتنمية الاقتصاد الوطني والاستثمار وتدفق رؤوس المال والمعرفة الذكية والمساهمة في وضع حلول ناجحة للتحديات العديدة التي يواجها المجتمع وكل ذلك ضمن منظومة متكاملة تبني جسور الجودة الوطنية الشاملة . ودور القطاع الخاص والمجتمع وواجباته بصورة عامة لا تقل عن واجبات الجهات الرسمية لتكون المعادلة عادلة ومتوازنة، فلا بد من نهاية عصر الاتكالية من الشعوب وانتظار المعجزات من الحكومات، وأن توفر لهم كل شئ على طبق من ذهب دون مقابل وجهد وعطاء محسوب وغير عادي للبلد، ولا بد للإعلام أن يكون شريكاً فاعلاً في صناعة الجودة المجتمعية الشاملة والمستدامة. وللمثقفين والأدباء والأكاديميين والمفكرين والفنانين والرياضيين والذين ينظر لهم كنموذج أبوي أو مثال أعلى في المجتمع دور كبير، كذلك، فالمسألة تحتاج لقاعدة شعبية تبنى على أسس علمية وأخلاقية وقانونية لرفع الكفاءة التنظيمية والفردية والتركيز على التخطيط الممنهج والأداء المميز كثقافة، ورضى العملاء يأتي من ثقافة أن العميل الأهم الذي أن يجب أن يحقق رضاه هو الوطن والابتعاد عن آليات اصطياد الأخطاء وانتقاد الأشخاص والمؤسسات بدلاً من النظم والممارسات والأداء التي تقوم به ومدى استخدامها لأدوات ومعايير ونظم التحسين المستمر التي تعود بالنفع المباشر عالي الجودة على كل مكونات الدولة وآليات وضعها لأهداف إشراك المجتمعات في صنع وتطبيق القرارات المؤثرة عليها، ووضع البنية التحتية للدعم التنموي والمعلوماتي المتبادل بين الحكومات والشعوب، وإطلاق مشاريع تكريس أهمية التنافس لتطوير العمل الجماعي وليس الفردي. ومن المهم الاستغلال الأمثل للمواهب والموارد البشرية بصورة تضمن الاستفادة القصوى منها حتى بعد تقاعدها والتعلم المستمر للجميع، فثقافة الجودة تقود إلى غرس ثقافة خدمة العميل بتميز سواءً كان عميلاً داخلياً (إدارة داخلية) أو عميلاً ‏خارجياً. ولذا كل مجتمع يحتاج دائرة للتخطيط المركزي للجودة المجتمعية الشاملة ودائرة مستقلة للتدقيق في تلك الجودة المجتمعية الشاملة، وحتى تكون لدينا قصص من المنتجات المجتمعية الناجحة يجب أن يكون هناك القبول الاجتماعي وإمكانية دمج المجتمع ككل في نسيج ثورة التكنولوجيا والمعرفة وذلك وفق إجراءات وإمكانيات فنية وتقنية وتشريعات تتناسب مع التطورات الحادثة في العالم المعاصر، وتلبي احتياجات التطورات المتوقعة على المدى الطويل. فجميع أنشطة المجتمع يجب أن تكون مدرجة بطريقة خلاقة في عملية التحسين المجتمعي، وجعل المجتمع يساهم في مدخلات إستراتيجيات الدولة ووضع خطط عملية للتخلص من الإجراءات غير الفعالة في المجتمع ككل، لرفع مستوى القيمة المركزية وتغيير بعض النماذج في إدارة تغيير المجتمعات. وينبغي أن ينظر إلى المجتمع المحلي على أنه جزء من المجتمع الدولي، وبالتالي تحييد نقطة الانطلاق العكسية وسلبية الآثار على أنشطة المجتمع مستقبلاً، فليكن التمكين نظاماً تفاعلياً تكاملياً لا يسمح لأي عنصر من عناصر الإنتاج في المجتمع الفشل أو الظهور بصورة ضعيفة وتتدارك نقاط الضعف ومعالجتها ومتابعة الأثر المادي والمعنوي والتشريعي والمجتمعي والإنساني لها منذ طفولة الفرد.