يرى بعض المراقبين للشأن الحزبي الأميركي أن مواقف هاري ريد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، قد تتمخض عن بعض التداعيات غير المتوقعة بالنسبة للديمقراطيين: فقدان الأغلبية التي يتمتعون بها في مجلس الشيوخ. فقد زرع ريد بذور دماره هو شخصياً من خلال تغيير حساباته بالنسبة لانتخابات التجديد النصفي لعام 2014. وبما أن الحزب الجمهوري في حاجة إلى 60 صوتاً للتغلب على الديمقراطيين -وهو الأمر الذي كان من الواضح أنه بعيد المنال- فلماذا لا يقامر ويتحدى المؤسسة؟ وقد ضل الحزب الجمهوري طريقه عندما تعلق الأمر بالمسؤولية المالية. وسيكون من الأفضل انتخاب 30 من المحافظين الحقيقيين بدلاً من المساومة من أجل أغلبية معتدلة ولكنها عاجزة. وإذا ما فاز الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ في الخريف، فلن يمنعهم أحد من الاستشهاد بمثال ريد. ولنأخذ برنامج أوباماكير على سبيل المثال. هل يعتقد أي شخص ولو للحظة أن الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ستتيح لقلة من أعضاء المجلس من الديمقراطيين فرصة منعها من إلغاء برنامج «أوباماكير» من أجل حماية الحقوق المؤسسية للأغلبية؟ بالطبع لا. وإذا ما استرد الجمهوريون مجلس الشيوخ وحتى البيت الأبيض، فإن بإمكانهم أن يحذوا حذو الديمقراطيين، بتغيير القواعد وإلغاء برنامج «أوباماكير» بـ51 صوتاً فقط. وبالنسبة للانزعاج بسبب حكم المحكمة العليا بشأن برنامج «أوباماكير»، سيجعل تصرف ريد من الأسهل بالنسبة للأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ تغيير قرار المحكمة العليا. وإذا لم يسمح للجمهوريين بتعطيل التعيينات مدى الحياة للمحاكم المتنقلة، فلماذا يجب عليهم السماح للديمقراطيين بتعطيل التعيينات مدى الحياة للمحكمة العليا؟ وفي نهاية الأمر، فإن تصرف ريد يعزز من نظام الجمهوريين الذين يواجهون المنافسين الرئيسيين من المحافظين -لأن مصير برنامج أوباماكير الآن معلق في الميزان. وقد أثبت إغلاق الحكومة أنه بدون السيطرة على مجلس الشيوخ، فإن الحزب الجمهوري لن يكون قادراً على إلغاء برنامج «أوباماكير». ويتعين على الناخبين من حزب الشاي الآن الإقدام على خيار أكثر صرامة. وبإمكانهم الإدلاء بأصواتهم للمرشح الأكثر محافظة، بغض النظر عن جدارته الانتخابية. وهم الآن في حاجة إلى سؤال أنفسهم عما هو أكثر أهمية: النقاء الأيديولوجي أو الفوز بأغلبية وإلغاء برنامج «أوباماكير»؟ والحال أن فوز الحزب الجمهوري بأغلبية في مجلس الشيوخ يبدو في متناول اليد. ولا شيء يشير إلى أن التحديات الرئيسية للمحافظين هي أمر سيئ. وعلى العكس من ذلك، فقد أدت إلى ظهور قادة بارزين من المحافظين، مثل السيناتور بات تومي، من ولاية بنسلفانيا، وماركو روبيو، من ولاية فلوريدا. وحتى إذا لم يفز المنافسون، فإنهم سيحافظون على جعل مؤسسة الجمهوريين تتحمل المسؤولية أمام القاعدة الشعبية. لقد تسبب توقف مؤسسة الجمهوريين في الدورتين الأخيرتين لمجلس الشيوخ في جعل المجلس أكثر تحفظاً -لأن الجمهوريين في مجلس الشيوخ يصوتون بشكل مختلف عندما يشعرون بالقلق بشأن الانتخابات الأولية أكثر مما يكون عليه الأمر إذا ما كانوا يعتقدون أنهم سيخوضون تجربة إعادة انتخابات. وبفضل حزب الشاي، فقد حصلنا منهم على عامين جيدين. وعلاوة على ذلك، فإن الاعتقاد بأن تسمية من يسمون بمرشحي المؤسسة هو الباب إلى الفوز يعتبر بمثابة أسطورة. ولو كان الأمر كذلك، لكان تومي تومسون في مجلس الشيوخ اليوم. ولكن الهدف الرئيسي للمحافظين على مستوى القاعدة الشعبية كان يتمثل في إصلاح الحزب الجمهوري نفسه. والآن يتعين على المحافظين في حزب الشاي إحداث توازن بين هدف إصلاح الجمهوريين وآخر يماثله في الأهمية، وهو إلغاء برنامج «أوباماكير». ومن الدير بالذكر أن هاري ريد قد بدأ عملية قد تسمح لمجلس الشيوخ بالتصويت ربما الشهر المقبل على فرض عقوبات جديدة على إيران إذا أخفقت المحادثات بشأن برنامجها النووي، على رغم تهديد من البيت الأبيض باستخدام حق النقض «الفيتو» أيضاً.?? مارك تيسيين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»