في 7 يونيو 2013، وبعد نشر أولى القصص الإخبارية التي تستند على تسريبات إدوارد سنودن، قمت بكتابة عمود يبث (ويؤكد) مخاوف «برايان جينكينز»، وهو خبير بارز في مكافحة الإرهاب، إن برنامج الحكومة الرقابي واسع النطاق قد وضع «الأساس لكل دولة قمعية». ورغم ذلك،لا أتفق مع الرأي الذي يدعو أوباما لمنح سنودن «شكلاً من أشكال الرأفة» من أجل «الخدمة الكبيرة» التي قدمها لبلده. وفي الواقع، فإن إفشاءات «سنودن» حول مراقبة وكالة الأمن القومي للمواطنين الأميركيين أثارت نقاشاً قيماً، ربما قد يؤدي إلى الكثير من الإصلاحات اللازمة. الوثائق التي أعطاها «سنودن» لـ«واشنطن بوست» و«الجارديان» أثبتت اعتراض وكالة الأمن القومي للبريد الإلكتروني ومكالمات الهاتف الخلوي والبث الإذاعي لمقاتلي «طالبان» في شمال غرب باكستان، حول عملية لقياس ولاء المجندين في وكالة المخابرات المركزية في باكستان، وحول اعتراض البريد الإلكتروني لوكالة الأمن القومي لمعرفة ماذا يجري في إيران، ورقابة وكالة الأمن القومي لجميع مكالمات الهاتف الخلوي «في جميع أنحاء العالم»، وفي أول مقابلة له مع صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست» كشف «سنودن» أن وكالة الأمن القومي تخترق بشكل روتيني المئات من أجهزة الكمبيوتر في الصين وهونج كونج. هذه العمليات لا علاقة لها مع المراقبة المحلية أو حتى التجسس على الحلفاء. فهي ليست قانونية وغير لائقة ولا أخلاقية. كما أن مثل هذه العمليات لا علاقة لها بـ«الوشاية»، وقد شبه العديد ما قام به «سنودن» بتسريب «دانيال السبيرج» لمستندات «البنتاجون»، ولكن أوراق «البنتاجون» كانت وثائق تاريخية حول تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام. وقد سربها «السبيرج» أملاً في أن يؤدي افشاؤها إلى إنهاء الحرب. وقد استشهد «إيمي ديفيدسون»، الذي دعا أوباما للعفو عن «سنودن»، بعفو جيمي كارتر عن المتهربين من الخدمة العسكرية أثناء حرب فيتنام كـ «مثال مفيد عند التفكير في وضع سنودن القانوني»، وهذا الاقتراح يدعو إلى الحيرة لعدة أسباب، من بينها أن «سنودن» قد حلف يميناً، كمقاول لوكالة الأمن القومي، بألا يفشي معلومات سرية، وكان يعلم بعقوبة انتهاك هذا اليمين. أما الشباب الذين تهربوا من التجنيد فقد فعلوا ذلك لتجنب حلف يمين لخوض حرب يعارضونها، وهي الحرب التي لعنت على نطاق كبير، وبمرور الزمن عفا كارتر عنهم. وقيل إن سنودن تمكن من الوصول للمستندات من خلال إقناع 20 – 25 موظفاً من زملائه بمنحه كلمات المرور الخاصة بهم، بزعم احتياجه للمعلومات لمساعدته في أداء عمله. وهكذا يتضح أن آفاق العفو عن «سنودن» تشبه الفرص الممنوحة لكرة الثلج في الجحيم، فقد وضع نفسه في مركز استخبارات وكالة الأمن القومي في هاواي بغرض سرقة وثائق سرية، وتوصل إلى الكثير منها عن طريق الكذب على زملائه، ثم هرب إلى الصين ومنها إلى روسيا. ويمكن القول بأن سنودن لم يقم حتى الآن بالإفراج عن أي وثائق تقدم أي تفاصيل عن العمليات الخاصة بعالم الإنترنت لأي دول أخرى، خاصة روسيا والصين. هذا يقودنا إلى السؤال النهائي عما يجب القيام به مع سنودن عندما تنتهي حالة لجوئه السياسي في روسيا وترفض أي دولة أخرى التقاطه. هذا بغض النظر عما قاله مدير وكالة المخابرات المركزية السابق «جيمس وولسي» عن وجوب إعدام سنودن شنقاً بتهمة الخيانة. فاتهام سنودن يشمل قائمة من الاتهامات، ولكن الخيانة، والتي تستدعي عقوبة الإعدام، ليست من بينها. فتعريف الخيانة، كما ورد في دستور الولايات المتحدة كما يلي: «جريمة الخيانة بحق الولايات المتحدة، لا تكون إلا بشن حرب عليها، أو بالانضمام إلى أعدائها وتقديم العون والمساعدة لهم». ومهما كانت جرائم سنودن، فهو لم يفعل ذلك. ومن ناحية أخرى، ذكر «ريك ليدجيت»، موظف وكالة الأمن القومي المسؤول عن تقييم الأضرار الناتجة في قضية «سنودن» أنه سيفتح محادثة حول العفو عن سنودن في مقابل مساعدته في تأمين الوثائق المسروقة التي لا تزال بالخارج. فيد كابلان محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»