يجب أن يكون هذا هو العصر الذهبي في حدود البرازيل الزراعية، حيث قامت مجموعة من أكبر الشركات في العالم باستثمار المليارات من الدولارات في شراء الأرض والمعدات والمعاصر لتحويل قصب السكر إلى إيثانول. وتعتبر البرازيل نفسها هي عامل الجذب لهذه الشركات، حيث يتم تصنيع معظم السيارات لتعمل بالوقود الحيوي. وهناك سوق أكبر وغير مستغل ينتظر في الولايات المتحدة، حيث الالتزام بالمعايير البيئية يقتضي الاعتماد على الايثانول المستخرج من القصب عن ذلك المستخرج من الذرة. وتأتي الصين بعد ذلك، بأسطولها المتنامي من السيارات. وللحصول على الوقود للمستهلكين، هناك فرق تقوم ببناء نظام على مساحة 800 ميل لخطوط الأنابيب والصنادل المصممة لنقل مليارات الليترات من وسط البرازيل إلى الموانئ الصاخبة على المحيط الأطلسي. هذه، على الأقل، كانت هي الخطة. لكن النفط - الوقود الذي من المفترض أن يحل الإيثانول محله ببطء- اعترض الطريق. ولا يزال المنتجون في ولاية جوياس الكولومبية، حيث تمتد المزارع بمسافة 250 ألف فدان، يصنعون الإيثانول. لكن الصناعة تواجه تحدياً من قبل قوى لم يكن من الممكن التنبؤ بها قبل نصف عقد من الزمن، عندما كان رئيس كولومبيا يصفها بأنها تنتج الإيثانول بكميات ضخمة بدرجة يمكن أن نسميها بـ"سعودية الإيثانول". لقد ساعدت الطفرة في عملية التكسير الهيدروليكي في وسط غرب أميركا، والتي أتاحت الغاز والنفط الرخيص من الصخور، على تراجع الحاجة إلى الإيثانول في الولايات المتحدة. كما كان للبرازيل أيضاً اكتشافاتها- كميات كبيرة من النفط قبالة الشاطئ بعمق أربعة أميال. وساهم قيام حكومة البرازيل بتخفيض الضرائب على البنزين، مما جعل سعره أرخص، في التأثير بشكل كبير على الإيثانول. «نحن لا نفكر في الإيثانول في المستقبل، بل نفكر في نفط ما قبل الملح والغاز الصخري»، كما قال "موريسيو موروشي"، الذي يحلل صناعة الإيثانول. وبينما يلجأ العالم على نحو متزايد إلى مصادر الطاقة غير التقليدية والمتجددة، تؤكد الانتكاسات في صناعة الإيثانول البرازيلية تقلبات سوق الطاقة، وكيف أن النفط، الذي بدا منذ فترة ليست بالطويلة وكأنه يتلاشى، لا يزال له مميزات كبيرة تفوق أنواع الوقود الأخرى. في السبعينيات، أرادت البرازيل التحول إلى الإيثانول والكف عن استيراد النفط. وقد صممت السيارات لتعمل بالوقود الحيوي وأصبحت محطات الوقود تبيع الإيثانول، وقدمت الإعانات السخية لمنتجي قصب السكر. وفي 2003، أدخلت البرازيل السيارات مرنة الوقود التي يمكن تشغيلها بـ"الإيثانول" أو البنزين. وقد ساهم تركيز البرازيل على الإيثانول في إبعاد 200 مليون طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بعيدا عن الجو، وكانت هذه من أكبر المبادرات صديقة البيئة في العالم. وقد لاحظت الولايات المتحدة ذلك، وفي 2005 وقعت إدارة بوش الابن مشروع قانون يفرض معايير الوقود المتجدد. ووصف بوش الإيثانول البرازيلي بأنه أنظف بكثير من الوقود الأحفوري ويمكن أن يقلل من اعتماد أميركا على واردات النفط. وعندما بدأ الاقتصاد العالمي في الغرق، قامت حكومة البرازيل بتسريع الإنفاق الحكومي. ولكن خوفاً من ارتفاع التضخم، بدأت في استخدام شركة النفط المملوكة للدولة «بيتروبراس» لاستيراد البنزين المكرر وبيعه بأسعار منخفضة للغاية. وكلف ذلك الشركة 20 مليار دولار والحق ضرراً بالغاً بصناعة الإيثانول. وقال "روبرتو رودريجز"، وزير الزراعة البرازيلي في حكومة "دا سيلفا"، إن «هناك خللاً لأن تكلفة القصب وإنتاج الإيثانول تعتمد على تكاليف المبيدات وأسعار العمالة، والتي ترتفع جميعها مع ارتفاع معدلات التضخم. ومع ذلك فإن سعر البنزين لا يرتفع». في 2008 ، كان 50 بالمئة من الوقود المبيع في البرازيل من الايثانول، بينما تزيد حالياً قليلاً على 30 بالمئة مما يؤثر على صناعة "الايثانول". وكانت نتيجة تحول الملايين من البرازيليين إلى البنزين هي حدوث أكبر أزمة في تاريخ الإيثانول. وقد استثمرت كبرى الشركات، مثل شركة "أودبريشت" لتشييد المباني والسدود والجسور، بكثافة في الإيثانول، وكذلك الشركات متعددة الجنسيات مثل شركة «كارجيل» وشركات الطاقة مثل «رويال داتش شل». ويشكل الوقود الحيوي 4.6 بالمئة من الوقود المستخدم عالمياً للنقل البري، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 8.5 بالمئة في 2030، مما يكفي لتزويد نصف الاتحاد الأوروبي بالطاقة. ويقول "ماريو ليدندهاين"، رئيس العمليات بشركة "بريتيش بتروليم" في البرازيل، «نحن على قناعة بأنه ستكون هناك زيادة في الطلب في البرازيل وخارجها على المدى الطويل»، وبحلول عام 2020، ستصبح أربعا من أصل خمس سيارات تعمل بالإيثانول. وأبدت الصين اهتماماً متزايداً بمصادر الطاقة المتجددة، لكنها لم تصبح مستورداً كبيراً للإيثانول. هذا بجانب أسواق أخرى كبيرة مثل أوروبا التي تخفض حالياً وارداتها من الإيثانول. على صعيد آخر، يقول "أبيل أوشوا"، مدير العمليات بشركة "إس. جي. سي" بيوانيرجيا: «نحن نرى الإيثانول كوقود المستقبل، سواء في البرازيل أو خارجها»، وقد اعترفت وكالة "حماية البيئة" بالإيثانول المستخرج من القصب كوقود منخفض الكربون يقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 61 بالمئة مقارنة بالبنزين. خوان فوريرو كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»