يبدو قرار الأغلبية في مجلس الشيوخ مؤخراً بممارسة «الخيار النووي» الذي يمنع «المماطلة السياسية» من خلال تعليق التصويت لاختيار المرشحين من قبل الرئيس لشغل مناصب في الإدارة الأميركية، دليل دامغ على مدى تغير المجلس منذ أن تركنا المنصب. وعملنا كلينا في الكونجرس لما يزيد على نصف قرن كموظفين في المكتب البيضاوي ثم كأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ ثم زعيمين للأغلبية في مجلس الشيوخ. ونؤمن يقيناً بالديمقراطية التمثيلية اليوم كما كنا نؤمن بها عند قدومنا إلى واشنطن. وبنظرة متأنية على الماضي، ندرك أن كثيراً من الأشياء كان يمكن فعلها بصورة أفضل، غير أن المعارك الحزبية حالت دون انتخاب أشخاص جيدين في المناصب العامة أو سن قوانين ملائمة. وفي تسعينيات القرن الماضي أنهينا العقد بميزانيات اتحادية متوازنة وما يربو على 22 مليون فرصة عمل. وعلاوة على ذلك تم سن قوانين لإصلاح قطاع الاتصالات والرفاهية ومياه شرب آمنة وقدرة على تحمل نفقات التأمين وخفض الضرائب وإصلاح التعليم ومئات القوانين الأخرى، رغم أن النزاعات السياسية كانت أشد قسوة، إلى جانب الانقسامات المتواصلة في المؤتمرات التحضيرية. وفي الأعوام الأخيرة، أصبح الاستقطاب أشد وطأة، وباتت الإدارة أقل مدنية، وبات «الخلل الوظيفي» هو المسيطر... فماذا تغير؟ بداية، كان هناك دائماً تصميم مشترك على إنجاز الأمور، وكانت هناك خطوط اتصال نشطة، وكان الأعضاء يقضون أوقاتاً أكثر في واشنطن مع أسرهم، حيث كانت مناسبات كثيرة تجمع كوادر الحزب. لكن الاستقطاب المتفشي في واشنطن الآن ينعكس على أمور تشمل دور الحكومة في المجتمع والانقسام العميق بين أفراده. وغالباً ما يتم انتخاب السياسيين بسبب معتقداتهم الأيديولوجية، والتي تنتج عنها المواقف. والمشكلة في المعارضة بشكل خاص أنها تفترض أن الأغلبية في مجلس النواب وأغلبية فائقة في «الشيوخ» ورئيس الولايات المتحدة... جميعهم يتقاسمون الموقف نفسه. ويرتكز هذا الخلل الوظيفي على حقيقة أن أعضاء الكونجرس يقضون وقتاً قليلاً في واشنطن، وكلما قلت أيام التشريع، تضاءلت فرص الحوار والتفاوض. ولم يكن شائعاً أن يغادر المشرعون واشنطن في أيام الخميس ويعودون أيام الثلاثاء للعمل أيام الأربعاء. وعليه، فإن قضاء وقت أقل في العاصمة يعني فرصاً أقل للتعارف بين النواب، وهو ما يفضي إلى ضعف الثقة وبالتالي انخفاض التعاون. ومن بين أسباب الخلل الوظيفي الأخرى «الحملات الانتخابية المتواصلة»، فعندما دخلنا الكونجرس، كانت الحملات تستمر لبضعة أشهر، وفي كثير من الأحيان كانت تنتهي بانتهاء الانتخابات. أما الآن فلم تعد الحملات الانتخابية تنتهي، ويبدأ أعضاء مجلس الشيوخ المنتخبون لفترة ستة أعوام في جمع الأموال في اليوم التالي لانتخابهم. إذن، ما الذي ينبغي فعله؟ أولاً: يتعين على الكونجرس العودة لنظام العمل لمدة خمسة أيام أسبوعياً، بينما تنظم القيادة عمليات التصويت في أيام الجمع والاثنين بهدف استيعاب أجندة تشريعية طموحة. ثانياً: يجب عقد المؤتمرات التحضيرية المشتركة مرة واحدة شهرياً على الأقل، مع التركيز على مناقشة القضايا العالقة من دون تسجيلها. ثالثاً: لابد من وقف ممارسة «تعليق التصويت» بهدف المماطلة السياسية في مجلس الشيوخ، إذ أن الأعضاء من كلا الحزبين أساؤوا استخدام هذه الممارسة، وباتت عقبة في العملية التشريعية الديمقراطية. وأخيراً: ينبغي عقد اجتماعات أسبوعية في البيت الأبيض وأخرى ربع سنوية في كامب ديفيد، ذلك أن اللقاء المنتظم بين الرئيس وزعماء الكونجرس أمر ضروري، بينما توفر الاجتماعات في كامب ديفيد فرصة للعمل والتعارف. _ _ _ _ _ _ _ توم داشل زعيم الأغلبية الأسبق في مجلس الشيوخ عن «الحزب الديمقراطي» ترنت لوت زعيم الأغلبية الأسبق في مجلس الشيوخ عن «الحزب الجمهوري» _ __ _ _ _ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"