أنت في إجازة تقرر أنت وأصحابك الذهاب إلى إحدى الدول الخليجية لقضاء إجازتك. خلال تجولك في أحد المراكز التجارية وأنت في حديث مع أصدقائك تتفاجأ بعبارة «مرحباً بأبناء زايد»، ينظر كل واحد منكم للآخر باعتزاز، فهل هناك فخرٌ يضاهي اعتبارك ابناً من أبناء زايد طيب الله ثراه. تقرر أنت وأصدقاؤك خلال الإجازة نفسها زيارة دولة خليجية أخرى، وفي إحدى الأسواق التراثية لتلك الدولة وإذا بصوت من بعيد يقول «هلا بعيال زايد». تعود إلى وطنك لتحكي لأقربائك وأصدقائك ما حدث. لا ترتسم عبارات الدهشة على محياهم، يفاجئك الجميع بأنهم صادفوا الموقف ذاته. يعلل صديقك الآخر أن السبب في تلك العبارة التي قيلت أنه بفضل الزي الرسمي المعروف لدولة الإمارات. مضيفاً أن الأمر ذاته حدث له في دولة من الدول العربية بالرغم من أنه لم يكن مرتدياً الزي الإماراتي، ولكن بمجرد معرفة الشخص الذي كان يحادثه أنه من دولة الإمارات، جاءت اللهجة المصرية قائلة «نورتونا، أهلاً بأبناء زايد». خلال الجلسة ذاتها يقول أحد أصدقائك «هل تعلمون أن هناك تغريدة للدكتور طارق الحبيب على تويتر تم إعادة التغريد بها أكثر من 1538 مرة، وجاءت في مفضلة أكثر من 234 مغرداً!!». تلتفت إليه مستغرباً «وما شأن هذا بذاك؟». يُجيب سأقرأ عليك التغريدة لتعلم ما هو الرابط «فتيات إماراتيات في مدينة العين يعملن في صنع قطع غيار الطائرات ويتم تصديرها لمختلف شركات الطيران العالمية مثل بوينغ وإيرباص. علميهن يا بنت زايد». والسؤال هنا ماذا نعني حين نقول «زايد هُوية وطن»؟ بداية جاء مصطلح الهوية في اللغة العربية من كلمة: «هو». فالهُوية في مفهومها هي مجموعة من السمات التي تضفي بدورها على الشخص أو المجموعة عناصر تميزها عن غيرها. ويمكن أن تتبلور الهُوية في العديد من السمات من قبيل الهُوية الوطنية، والدينية، واللغة، والعرق، والتاريخ والحضارة والثقافة وغيرها. ويلاحظ أن هناك العديد من الهُويات لا تنحصر على شعب بعينة يعيش في دولة محددة، بل تتعداه لتتخطى القارات لنرى تماثلاً ومشاطرة للشعوب لتلك العناصر. وحين نأخذ الهُوية الإسلامية على سبيل المثال فإنها تمتد إلى كل بقاع العالم لتطال كل من يعتنق الديانة الإسلامية. وكذلك الحال بالنسبة لهُوية اللغة والتاريخ والثقافة فهناك شعوب في 22 دولة عربية تتقاسم وتتشاطر هذه العناصر في المجمل العام. وفي الوقت الذي تتشاطر فيه الشعوب تلك الهُويات، تأتي الهُوية الوطنية بدورها لتعطي لكل شعب في أي دولة خصوصية تميزه عن غيره من الشعوب. ولما كان شعب دولة الإمارات حاله في ذلك حال بقية الشعوب فقد أصبح له عناصر هُوية مشتركة سواء هُوية اللغة أو الدين أو الثقافة أو التاريخ وغيرها ما جعل مسألة الترابط والتجانس والوحدة بين هذا الشعب أمراً طبيعياً لم تواجهه أية إشكاليات مثل التي تواجه بعض الشعوب الأخرى التي تشترك في وطن واحد ولكنها تتباين في بعض الهُويات مما يخلق في بعض الأحيان صعوبة تحقيق تجانس قوي بين فسيفساء المجتمع. ولما كان الله سبحانه وتعالى كريماً على خلقه فقد منّ الله على شعب الإمارات بأن يأتي «زايد الخير» ليكون مؤسساً وقائداً لهذا الوطن، ويدفع بحبه لشعبه لأن يضفي قيمة جديدة مضافة إلى العناصر الأخرى التي تربط هذا الشعب. فبالإضافة إلى الهُوية الوطنية وهوية اللغة والدين والتاريخ والثقافة التي تجمع شعب الإمارات، جاء حكيم العرب وما تركه من محبة في قلب القاصي قبل الداني ليعطي شعب الإمارات هُوية فريدة اقترنت بشخصية عظيمة فرضت احترامها على الجميع. فحين يسمع أي مواطن إماراتي عبارة «أبناء زايد» أصبح يدرك تماماً أن المغفور له قد ميزه عن جميع الشعوب بهُوية أصبحت عنصراً رئيساً في وحدة وقوة هذا الشعب. لقد جاء حب زايد لشعبه وغدقِه الذي لم ولن ينضب ليخلق حالة فريدة من الانصهار والتآلف والمحبة بين هذا القائد وبين شعبه. فأصبح كل شيء «زايد». فالدارُ دارَ زايد، والشعب أبناء زايد، والخير «زايد»، والعطاءُ «زايد»، وعلى لسانِ كل طفلٍ «بابا زايد». ويسمو بذلك «زايد» ليكون على من سواه زايد، ويأس غيره وإن جاء بكرمه ومحبته، أن على «زايد» أن يزايد. «زايد هُوية وطن» إن هذه الهُوية واقترانها باسم «زايد» قد صهرت عناصر الهُويات الأخرى للشعب الإماراتي في هذه الهوية فأصبح زايد الوطن وزايد التاريخ وزايد الثقافة وزايد الإسلام الذي حرص على غرس الوسطية في قلوب أبنائه. إن حرص الشيخ زايد طيب الله ثراه على وحدة الوطن وترابطه وانصهاره في وحدة متكاملة يكون حب الوطن راية لها، كان جزءاً لا يتجزأ من فكره طيب الله ثراه. فحين نقرأ عبارته التي قال فيها «إذا كنا في هذه الدولة نستقل سفينة واحدة هي سفينة الاتحاد فعلينا جميعاً أن نعمل على تحقيق سلامتها حتى تستمر مسيرتها وتصل إلى بر الأمان»، فإننا نستشف مدى أهمية الوحدة والتعاضد. فاستخدامه طيب الله ثراه عبارة «سفينة الاتحاد» دون ذكر الإمارات السبع، يوحي بما لا يدع مجالاً للشك بحرص الشيخ زايد على الانصهار في هذا الوطن دون اعتبارات أخرى. ويأتي بذلك «زايد هُوية وطن» لتؤكد ما ذهب له الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حين قال «البيت متوحد». غِبت عن العين يا زايد ولكنك عن القلب لا ولن تغيب. فحبك باقٍ وولاؤُنا لفكرك باقٍ وخَلَفُك لِنهجِك لا يحيد وفي إثرهِ ماضٍ. إنه لحقٌ علينا شعب الإمارات أن نجعل من «زايد» نهجاً لنا في حياتنا وقدوة نقتدي بها في كل خطواتنا. وكم أتمنى شخصياً أن يأتي شعار «زايد هُوية وطن» بوصفه شعاراً لإحدى السنوات القادمة في احتفالاتنا بالعيد الوطني لدولتنا الحبيبة، تعبيراً عن وفائنا وحبنا للشيخ زايد طيب الله ثراه.