التعامل مع السلاح الأبيض صار أمراً معتاداً لدى بعض الشباب، وظهرت نتيجة لذلك حوادث مثل الاعتداء بالسيوف، التي يراها البعض كما لو كانت موضة رائجة بعدما كان من المستهجن أن تجد مثل هذا السلاح لدى الأسر. بالتوازي مع هذه الظاهرة، بينت دراسة استطلاعية قامت بها إحدى الجهات لبحث وضع ألف أسرة في إحدى مناطق الدولة، أن نسبة أقل من نصف هذه الأسر بقليل تعاني من تفكك ظاهر. بلا شك هذا أمر مقلق بغض النظر عن كون الدراسة استهدفت الأسر المواطنة أو العربية، لأن الأسرة أياً كانت هي مصدر قوة بترابطها وتماسكها وقدرتها على بناء جيل واعد مسؤول، فالسلاح الذي يستسهله الشباب ليس إلا إهمالاً بيناً من الأسرة في توجيه الشباب ومراقبتهم وتوجيههم. فالأسرة نواة المجتمع، ولم تعد مثل هذه الجُمَل من باب التسويق والدعاية، هي حالة أساسية في إنجاح المجتمعات، وفي احترام نشأة جيل قادر على تحقيق أعلى مستويات الإنجاز في مستقبله، ولا بد من دراسة موسعة للأسر الإماراتية، وتحديد أسباب مثل هذا التراجع الكبير في مفهوم الأسرة ودورها الرئيسي في المجتمع. فقبل عشر سنوات لم تكن تسمع عن سلاح أبيض، وكانت نسبة مثل هذه الجرائم لا يعرف عنها إلا في أخبار متباعدة من أشخاص أغراب لا يمتون للمجتمع الإماراتي بصلة، ناهيك عن قضايا الخدم التي لم تعد عادية أو بالأحرى تندرج تحت بند الندرة. فأرقام هذه القضايا ناقوس خطر ضد الأمان والسلم الاجتماعي. ولعل الإنقاذ ليس صعباً خاصة إذا اعتبرنا أن هناك وازعاً دينياً يحد من التجاوزات، وهناك أيضاً مزايا كثيرة تتمتع بها الأسرة في الإمارات. وينبغي البدء بالمقبلين على الزواج، من خلال إشراكهم في ورش عمل تعزز لديهم مفهوم الأسرة وترسخ قيم الترابط، والتأكيد على أن المودة والأمانة والمسؤولية البناءة ستعمل على إنجاح مشروعهم، وستسهل من وصولهم إلى حياة مطمئنة قادرة على الاستمرار بهدوء وتماسك. ناهيك عن المتزوجين حديثاً ونشر الوعي لديهم بضرورة الاهتمام بأداء الأمانة تجاه أسرهم الناشئة. ولا نخطئ إذا قلنا إن معظم الآباء لديهم القابلية للاهتمام بأطفالهم، لكنهم يهملون الطرق الصحيحة التي من خلالها يستطيعون مساعدة أطفالهم على النمو العقلي والتأثير الإيجابي في سلوكهم. ليس مبالغة البتة القول إن التماسك الأسري قضية أمن قومي لا تقل خطورة وأهمية عن تجهيز الجيوش أو الاهتمام بالوضع السياسي أو الاقتصادي، فالدول تقوم على الأسرة والمجتمع المترابط ينتج أشخاصاً ناجحين قادرين على إدراك حجم المسؤولية المناطة بهم. ويستدعي الوضع الحالي صياغة خطة متكاملة تقوم أولاً على تعزيز مفهوم الأسرة، وضمن هذا الإطار، فإن الاحتفال باليوم الوطني، لا يقتصر فقط على رفع علم الدولة على البيوت، بل يتطلب من الجميع جهداً شاملاً يؤكد كل فرد من خلاله معنى الوطن والإخلاص له. أبناؤنا هم ثروة الوطن، وفي المستقبل هم من سيحملون رايته في شتى المجالات... ومن ثم ينبغي الاهتمام بهم حتى يكونوا جدرين بالانتماء لمثل هذا الوطن المعطاء.