جدول أعمال النصف الثاني من رئاسة «بنينو أكينو» مثقل بشكل كبير. ففي السنوات الثلاث الأولى من فترة رئاسته، استطاع الزعيم الفلبيني أن يرفع تصنيف الفلبين الائتماني إلى درجة الاستثمار في سابقة للفلبين (التي يطلق عليها رجل آسيا المريض). كما رفع الضرائب بهدف زيادة العائدات وتحقيق الاستقرار في الموازنة العمومية. وفاز أيضاً بجوائز عالمية لقيامه بسجن رئيسة الفلبين السابقة جلوريا أرويو، وتمكن كذلك من ملاحقة الفساد ليجعل الفلبين من أكثر الدول الجاذبة للمستثمرين الأجانب. واليوم تبدو هذه النجاحات كأنها ذكرى بعيدة بينما تحصي الفلبين موتاها. فقد أسفر إعصار «هايان» الضخم عن مقتل 10 آلاف شخص في الفلبين بعد أن حطمت الفيضانات والرياح الأبنية ودمرت المطار. ستكون الجهود المبذولة لتحقيق الانتعاش طويلة ومؤلمة ومكلفة. وقد تصل إجمالي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد نتيجة لإعصار «هايان» حوالي 14 مليار دولار، بينما المتاح لا يتعدى ملياري دولار. ويعتبر هذا المبلغ خطيراً بالنسبة لدولة يبلغ حجم اقتصادها 250 مليار دولار، ويعيش ربع شعبها على أقل من 25ر1 دولار يومياً. ومن شأن الجهد المبذول على نحو غير متقن أن يقوض العديد من إنجازات «أكينو» حتى الآن. وتدفق المساعدات بقيمة مئات الملايين من الدولارات إلى الأقاليم النائية قد يغذي الفساد الذي حاول القضاء عليه، كما أن الصراعات الدائرة في الحكومة وعدم كفاءتها ستدمر السمعة التي حارب «أكينو» لتأسيسها بين المستثمرين، والتي تقوم على الاستقامة والكفاءة، إن مكانة الفلبين الحالية في غاية الهشاشة. هذا هو الاختبار الذي يواجهه أكينو – لكنه أيضاً يمثل فرصة. فإذا تمكن من الإشراف على استجابة فعالة لإعصار «هايان»، فسوف يظهر للعالم، ولشعبه أن الفلبين قد نضجت – وأن شعبه ليس من ذلك النوع الذي يسترخي ويسمح لوكالات المعونة تولي أمر الكوارث التي تحدث. كما أن ذلك من شأنه تعزيز الثقة في زعامته ويكسبه صلابة لمواجهة الذين يحاولون تقويض الإصلاحات التي قام بها حتى الآن. والأهم من ذلك، أن هذه الأزمة ستمنح الرئيس الفلبيني فرصة لتوسيع نطاق الإصلاحات لتشمل الدولة بأكملها. وقد نتج عن عدم الاهتمام والرقابة أن أصبح السياسيون المحليون يوجهون الأموال المخصصة لمشروعات البنية التحتية للمشروعات المفضلة لديهم أو إلى جيوبهم. وقبل حدوث هذا الدمار، كان «أكينو» يخطط لمضاعفة الإنفاق الحكومي على الأشغال العامة لتصل قيمته 824 مليار بيزو (19 مليار دولار)، حوالي 5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. ولكن بلا شك، فإن هذا المبلغ سيحتاج إلى زيادة هائلة حيث إن المناطق التي ضربتها العواصف في حاجة إلى إعادة بنائها من جديد. أما الطرق والكباري والأبينة، فهي في حاجة أيضاً إلى تقويتها حتى تتمكن من الصمود أمام القاتل المقبل، سواء كان إعصاراً أو زلزالاً. المال يعطى «أكينو» النفوذ لتحسين الحكم المحلي بوسائل لم تعهدها مانيلا من قبل.. وقد تخضع الحكومات المحلية لمراجعة مفاجئة للحسابات لضمان أن الأموال تنفق على الوجه الأمثل. وقد يطالب «أكينو» كذلك بنشر المزيد من المعلومات عبر شبكة الإنترنت، بما في ذلك تلك الخاصة بالعطاءات، لتحسين الشفافية. هذه الجهود من شأنها أن تنشر سياسات الحكم الرشيد لأكينو في آلاف من الجزر والمدن البعيدة، ليرفع بذلك من وضع بلاده الذي لا يزال ضعيفاً بالنسبة لمؤشر الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية. ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ويليم بيسيك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»