لم تكن الطبيعة يوماً متعاطفة مع الفلبين، فهذه الأخيرة تحصل على أكثر من حصتها من الكوارث الطبيعية، والتي تشمل ما يتراوح بين ستة وتسعة أعاصير تغرق الأخضر واليابس فيها كل عام. وإضافة إلى ذلك، تتعرض الفلبين سنوياً إلى ما يربو على 900 زلزال، منها الزلزال الأخير الذي ضرب جزيرة بهول وقتل أكثر من 200 شخص الشهر الماضي فقط، إلى جانب ما يربو على 20 بركاناً نشطاً. وعلاوة على ذلك، فإن الكوارث الطبيعية في الفلبين قاتلة بصورة خاصة، وقبل عامين فقط أودت عاصفة «واشي» الاستوائية بحياة أكثر من ألف شخص. وتصدرت الفلبين دول العالم في عام 2012 من حيث الكوارث القاتلة، بحصيلة تجاوزت ألفي شخص، وجاءت الصين في الترتيب الثاني بنحو 802 قتيل فقط. وبينما حظيت الفلبين بانتباه عالمي كبير في ضوء نموها الاقتصادي الملحوظ خلال الأعوام القليلة الماضية، فإنها تبقى دولة فقيرة جداً، يعيش زهاء 40 في المئة من سكانها على أقل من دولارين يومياً. وبلغت معدلات البطالة مستويات مرتفعة، كما أن ما يزيد على ثلث القوى النشطة فيها تعمل في الزراعة، ما يجعلهم يتضررون بدرجة كبيرة من تقلبات الطقس. وناقش تقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2005 السبب وراء تفاقم الكوارث المتكررة في الفلبين، مشيراً إلى أن النمو العمراني السريع والافتقار إلى الوظائف الحكومية، أجبرا كثيرين على العيش في مناطق عالية الخطورة، مثل شواطئ نافوتاس أو بالقرب من البراكين النشطة. وربما لا يكون أمام الأسر سوى خيارات محدودة، مثل العودة والعيش في المناطق المنكوبة بعد انقضاء الكوارث، حتى عندما تكون خيارات الرحيل متاحة بسبب أهمية القرب من مكان العمل. وتمثل مشكلات البنية التحتية المزمنة مصدر قلق آخر، إذ تعيق الطرق المدمرة جهود الإغاثة في كوارث مثل زلزال الشهر الماضي، في حين أن 20 في المئة فقط من الطرق في الفلبين معبدة، لذلك يبقى قصور البنية التحتية من بين أبرز العقبات أمام نمو الاقتصاد الفلبيني. وفي هذه الأثناء، وضع الرئيس الحالي بينيجونو أكوينو تطوير البنية التحتية في مقدمة أولوياته منذ توليه السلطة في عام 2010، حيث زادت الحكومة الإنفاق بنسبة 70 في المئة على الطرق والمطارات والأشغال العامة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، كما استثمرت بشكل كبير في المباني المقاومة للفيضانات. ولسوء الحظ، تزداد متانة العلاقة بين الكوارث الطبيعة وضعف البنية التحتية بصورة متبادلة، فقد سبب زلزال بهول خسائر تربو على 51 مليون دولار، معظمها في الطرق ومرافق السيطرة على الفيضانات والجسور، أي ذلك النوع من المنشآت التي يزيد غيابها من حدة الكوارث مستقبلاً. وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن الكوارث يمكن أن تساهم في حالات الفقر على المدى الطويل، إذ تؤجل التنمية في المناطق الفقيرة، مضيفاً أن «خريطة الفقر في الفلبين تشير إلى أن نتائج التقييم السريع تؤكد ضرورة تحسين ظروف الطرق وتقريب المراكز التجارية كأداة لمواجهة الفقر». وتابع: «رغم ذلك، تدمر الكوارث الطرق وكثيراً من الطرق الفرعية، وربما لا يتم إصلاحها لأعوام بعد الكارثة». وهكذا تدور الدائرة القاسية في الفلبين، فالفقر وضعف التنمية يزيدان الكوارث سوءاً، والكوارث تجعل الفقر وضعف التنمية أكثر صعوبة. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جشوا كيتينج كاتب ومحلل اقتصادي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»