بعد سنوات من المفاوضات غير المثمرة قد تواجه الولايات المتحدة قريبا مشكلة غير مألوفة في مواجهتها طويلة الأمد مع إيران: هل نحن مستعدون للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران؟ اجتمع مفاوضون من الطرفين في جنيف الأسبوع الماضي في محاولة للمضي قدماً في اتفاق يضع قيوداً موثوق بها بشأن البرنامج النووي الإيراني، قيود تستطيع قوتها أن تطمئن الدول الأخرى أن الحكام الدينيين في إيران لا يستطيعون إنتاج سلاح نووي. ويقول مسؤولون في الجانبين إنه مازال هناك طريق طويل يتعين قطعه قبل التوصل إلى اتفاق، لكنهم يصفون المحادثات بأنها لحظة مهمة كفرصة سانحة. ويريد الرئيس الإيراني التوصل إلى اتفاق لرفع العقوبات الدولية التي تشل حركة اقتصاد بلاده، وهو الأمر الذي وعد بتحقيقه في حملته الانتخابية الربيع الماضي. ويتمثل التحدي بالتأكيد في أن إيران تريد قيوداً في حدها الأدنى على حريتها مع تخفيف لأقصى حد من العقوبات الاقتصادية، وتريد الولايات المتحدة وحلفاؤها العكس، أي اتفاق يفكك الكثير من البرنامج النووي الإيراني قبل رفع معظم العقوبات. وسيتعين على الجانبين أن يبرما اتفاقهما في مواجهة عدم الثقة والانتهازية السياسية في الجانبين. ففي الأسبوع الماضي فحسب، نظم الإيرانيون المتشددون احتجاجهم السنوي "الموت لأميركا" أمام السفارة الأميركية المغلقة منذ فترة طويلة في طهران، ووجد المرشد الإيراني نفسه مضطراً للدفاع عن مفاوضيه ضد الاتهامات، التي تقول إنهم يقدمون تنازلات كثيرة. وفي الكونجرس وضح المتشددون الأميركيون أنهم يريدون فرض عقوبات أشد على طهران وليس تخفيفها. وقال السيناتور "الجمهوري" عن ولاية ألينوي، "مارك ستيفن كيرك"، الأسبوع الماضي إن "العقوبات هي الطريقة الوحيدة لمنع الحرب... دعوها كما هي ودعوا المال ينضب من الإيرانيين". ووضع السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز عن ولاية نيوجيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ مسودة مشروع قانون لتشديد العقوبات على إيران. واللافتة الإيجابية أن الجانبين وافقا على هيكل للمحادثات. ففي أول مرحلة، بدءاً من الآن وحتى نهاية العام، سيحاولون الوصول إلى اتفاق لتجميد البرنامج النووي الإيراني مقابل ما وصفه مسؤولون أميركيون بأنه تخفيف متواضع للعقوبات. والفكرة كما وصفتها المفاوضة الأميركية ويندي شيرمان هي ضبط الوقت في الساعة... ليكون لدينا وقت للتفاوض بشأن اتفاق". وقالت شيرمان لتلفزيون إسرائيلي إن من الجوانب المهمة في الاتفاق الانتقالي أن أي رفع للعقوبات سيكون "محدوداً ومؤقتاً ويمكن التراجع عنه". وبموجب أحد المقترحات التي تمت مناقشتها ستتمكن إيران من الحصول على بعض من ملايين الدولارات من عائدات النفط التي جمدتها العقوبات فعلياً في الحسابات المصرفية حول العالم – لكن اللوائح التي تجمد الأصول ستظل كما هي، ويمكن السماح بالحصول على المال أو منعه مثل التحكم في صنبور بحسب سلوك إيران. وهذه هي المرحلة الأولى، أما المرحلة الثانية، فتتمثل في جولة ثانية من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي يتضمن بحسب ما ترى الولايات المتحدة قيوداً شديدة على برنامج إيران النووي بحيث لا ينتاب القلق أي دولة أخرى منها إسرائيل بشأن الأسلحة النووية الإيرانية. ويرى خبراء نوويون غربيون أن مثل هذا الاتفاق سيتعين أن يشمل قائمة صعبة من القضايا. فيتعين إزالة مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب إما بشحنه خارج البلاد أو بجعله في صورة أقل خطورة. فهي تحتاج لتقييد قدرة إيران على تخصيب الوقود النووي بتقليل عدد أجهزة الطرد المركزي في البلاد. وسيتطلب الأمر وقف مفاعل آراك النووي الجديد من إنتاج البلوتونيوم. وسيتطلب الأمر فرض عمليات مراقبة دولية تطفلية لضمان الالتزام بتنفيذ الاتفاق. لكن للحصول على مثل هذا الاتفاق، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها بالتأكيد أن يخففوا مطلباً قائما منذ فترة طويلة يتمثل في أن تنهي إيران كل تخصيب لليورانيوم. وتقول إيران إنها تخصب اليورانيوم من اجل استخدامه لتغذية محطات للطاقة النووية في المستقبل. لكن رفضها حتى الآن الحد من أنشطتها النووية وعدم انتهاجها الشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أدى إلى إخضاعها لعقوبات صارمة. إن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، إذا تيسر إبرامه، يستحق الفحص الدقيق، لكن يتعين علينا أن نكون مستعدين لهذا. ـ ـ ـ ـ ـ ـ دويل مكمانوس محلل سياسي أميركي ـ ـ ـ ـ ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. انترناشيونال"