دأب «لي آتووتر» الذي لعب دور الراعي لعدد من أبرز الأعضاء في الحزب «الجمهوري» الأميركي على القول إن حزبه يكون أكثر قرباً للفوز بالانتخابات عندما يتبنى القضايا الشعبوية الاجتماعية، ويفوز الديمقراطيون عندما يلتفون حول القضايا الشعبوية الاقتصادية. وكان «آتووتر» يعني هنا بكلمة شعبوية القضايا التي يحتدم فيها الجدل بين جموع عوام الشعب في مواجهة الصفوة، وهو إطار قد يجدي نفعاً في جذب الاهتمام إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية عموماً. فالمعارضة لما يسمى «زواج المثليين» يمكن تصنيفها باعتبارها دفاعاً عن مؤسسة الزواج المقدسة ضد النزعة الليبرالية المتطرفة التي تريد تدنيسها. وبالمثل، يمكن الترويج لتقليص الضرائب على الطبقة المتوسطة، باعتباره انتصافاً من جشع الأغنياء. وتوظيف البعد الاجتماعي في تحولات القضايا الطبقية، قد يكون طريقة تبسيطية في فهم التغير الاجتماعي، ولكنه ما زال أيضاً مفيداً في تلخيص السنوات الأربعين الماضية في السياسة الأميركية. فإلى أين يمكن أن تجرفنا هذه التيارات اليوم؟ لقد جادلت من قبل بأن التدهور الاقتصادي المستمر واتساع التفاوت المتزايد في الدخل يجعل الشعبوية الاقتصادية هي أرض المعركة الأكثر ترجيحاً في انتخابات عامي 2014 و2016 التي طالما تبنتها الصيغة الشعبوية الاجتماعية للحزب الجمهوري. ولكن من سينتهز فرصة الجدل الشعبوي الاقتصادي وفي أي إطار سيصوغه؟ فحزب الشاي يصور هذا الجدل على أنه صراع ملحمي للحرية الفردية ضد تطفل الحكومة، وهي رسالة ليست جديدة بالتأكيد، ولكن الجمهوريين يأملون أن تكتسب زخماً جديداً مع بداية التطبيق الفاشل لقانون الرعاية الصحية. (ويمكن النظر إلى السباق المحموم الذي خاضه الجمهوري كين جوتشينيللي على منصب حاكم ولاية فرجينيا كجزء من الأدلة على الجهود التي بذلت ضد مشروع أوباماكير). والرسالة «الديمقراطية» الموازية ليست واضحة حتى الآن، فعلى رغم الجعجعة لم تظهر حركة اقتصادية مستدامة من اليسار منذ أن جاءت حركة «احتلوا وول ستريت» بمفهوم «الواحد في المئة» في إشارة إلى توزيع الثروة المختل في الولايات المتحدة. وعلى رغم أنه مازال هناك مجال حالياً بالتأكيد لشعبوية اقتصادية تجنح إلى اليسار قد يتبناها مرشح أو مرشحة أكثر قرباً للمؤسسة الحاكمة، مثل هيلاري كلينتون في الانتخابات الأولية للحزب «الديمقراطي»، فلم يتضح بعد ما إذا كانت مرشحة مثل سيناتور ولاية ماساشوسيتس أليزابيث وارين سوف تخوض الانتخابات. والحدثان الكبيران المؤلمان في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة -وهما إغلاق الحكومة ومشكلات التسجيل في برنامج الرعاية الصحية- قد يفيدان ترشيح كلينتون ورسالتها التي يعبر عنها السؤال: «ألا نستطيع أن نتعايش جميعاً؟» كما خلق الحدثان انفراجة في الدعوة إلى مرشح يرتفع فوق الحروب الشعبوية ويسعى إلى مقاربة أكثر براجماتية تستطيع من خلالها الحكومة أن تعمل بكفاءة مرة أخرى. ـ ـ ـ ـ ـ ـ كارتر أسكيو المخطط الاستراتيجي لحملة آل جور الرئاسية عام 2000 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»