ظلت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ عهد القائد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، ولا تزال على عهدها تتبع نهجاً وسطياً ومتوازناً في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. ولا يخفى على أحد مدى الحرص الذي أولته ولا تزال توليه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو إشاعة أجواء الأمن والاستقرار والسلام ليس في منطقة الخليج العربي فحسب، بل وفي منطقتنا العربية والعالم أجمع، انطلاقاً من المبادئ الراسخة التي تؤمن بها قيادة الدولة الرشيدة من أنه لا سبيل أمام شعوب العالم، ولاسيما شعوبنا العربية نحو التقدم والازدهار والأمن والسلام وخوض غمار التنمية الناجحة إلا من خلال نبذ سياسة العنف والإقصاء، وعدم السماح لتشكيل بيئات حاضنة للتمرد والإرهاب، وهو أمر لا يتحقق إلا من خلال الحوار البناء مع جميع الفرقاء سواء داخل البلد أو خارجه، ومن خلال إشاعة ثقافة التسامح والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد من البلدان. إن استقبال دولة الإمارات العربية المتحدة للأشقاء الخليجيين والعرب ليس آخرهم فخامة الرئيس المستشار عدلي منصور، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة المؤقت والوفد المرافق له، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، واستقبالهما من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حـاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إنما يكشف عن محورية الدور الإماراتي في تعزيز العلاقات العربية- العربية والخليجية- الخليجية، وتنسيق الجهود والتعاون بقدر عالٍ من الحرص، في ظل ما تشهده المنطقة من مخاطر داخلية وإقليمية ودولية تستوجب حتمية التعاون العربي الثنائي والمشترك، وصولاً إلى توفير أمثل الظروف لصيانة الأمن الإقليمي وضمان المصالح العربية، وابتغاء موقف واعٍ وعقلاني بمستوى ودرجة التحديات التي تواجه المنطقة وتجاوز الأوضاع الصعبة فيها. لقد برهنت الأحداث أن السياسة الخارجية الإماراتية تمكنت من الارتقاء بممارستها العملية، ومن منطلق مؤسسي يستند إلى العقلانية والموضوعية، لتقدم نموذجاً في حسن اتخاذ القرار السياسي الخارجي المتوازن، فضلاً عن إظهار الاستعداد الجاد والمخلص لبناء علاقات تعاون مصيرية وشراكات حقيقية تعزز من المصالح والرؤى والمصير الواحد المشترك. ولعل زيارة الرئيس المصري لدولة الإمارات العربية المتحدة تعبّر في أحد وجوهها عن أهمية الدور الإماراتي في تعزيز استقرار الشقيقة مصر، إبان المرحلة الانتقالية التي تعيشها القاهرة، ومساندة إرادة الشعب المصري ومؤازرته في مواجهة ما يمر به حالياً من صعوبات اقتصادية مختلفة، لأن المصير لأي دولة عربية وخليجية، كما نكرر دائماً، هو جزء من منظومة الأمن العربي والخليجي. وفضلاً عن ذلك فإن زيارة أمير قطر لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تزامنت مع زيارة الرئيس المصري ليست سوى تعبير عن تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين وإثرائه في ظل منظومة تنعم بالاستقرار، وتدعم المصالح الوطنية للدول الخليجية، وبهذا المعنى فإنها تقدم فرصة لتبادل الآراء حول التحديات الإقليمية، والمساعدة في تقديم الحلول وتقريب وجهات النظر، وبخاصة أن الأحداث والتحديات التي تواجهها بلدان المنطقة لا يمكن فصل أحدها عن منظومة الأمن الخليجي والأمن العربي كما ذكرنا، وأن أي استقرار وأمن لأي بلد في المنطقة إنما ينعكس إيجابياً على باقي بلدانها الأخرى كما برهنت التجارب من قبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية