ستيفن ميم أستاذ مساعد للتاريخ في جامعة جورجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس" مع دخول إغلاق الحكومة الأميركية أسبوعه الثاني، يشبه معلقون ليبراليون، مثل "كولبرات كينج"، القوى السياسية المناهضة لقانون الرعاية الصحية الميسورة، بـ"الكونفدرالية الجديدة"، التي تشبه الاتحاد الكونفدرالي للولايات الأميركية عند الانفصاليين من مقتني العبيد. وهذا ليس صحيحاً تماماً: فمناسبة الانفصال في ستينيات القرن التاسع عشر كان انتخاب إبراهام لينكلون وليس إقرار قانون اتحادي يدور حوله جدل شديد. وإذا كان هناك تشابه بين الماضي والحاضر، فليس اندلاع الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، بل الأمر أقرب إلى عاصفة سياسية سابقة على ذلك من ثلاثينيات القرن التاسع عشر وصفت بأنها أزمة الإبطال التي تضمنت قانوناً لعام 1828 أصبح يعرف في أميركا في عهد جاكسون باسم "رسوم المقت". وينبع الجدل على برنامج "أوباما كير" و"رسوم المقت" من المشكلة نفسها. فرغم كل عمليات الفحص والتوازن في حكومتنا القومية، لا يمكن تفادي أن يقر الكونجرس قوانين ويوقعها الرئيس بينما تمقتها أقلية كبيرة من الجماهير. وعندما تجتاز هذه القوانين بعد ذلك عملية فحص قضائية كما حدث في تشريع الرعاية الصحية، فالقانون يبقى. وما لم يستطع الجانب الخاسر إلغاء التشريع فيما بعد ، فليس أمام الساخطين سوى طاعة القانون. لكن "جون كالهون" من ولاية "ساوث كارولاينا"، لم يكن ينظر للأمر هكذا. ورغم كونه نائباً للرئيس جاكسون، فقد جاهر بدفاعه عن حقوق الولايات وكان نصيراً قوياً لما أصبح يعرف باسم نظرية الأغلبية المتلاقية. فبعد أن أقر الكونجرس قانون "رسوم المقت" سيئ السمعة عام 1828 ابتكر كالهون نظاماً تستطيع الأقلية السياسية أن تتصدى لقانون يحظى بقبول في سلطات الحكومة الثلاثة. ورفع القانون الرسوم بشكل كبير على عدد من البضائع المستوردة، وبينما أفادت الرسوم الحمائية الجديدة أصحاب المصانع في الشمال فقد تعين على الجنوبيين أن يدفعوا المزيد من المال للمنسوجات لكساء عبيدهم وللأدوات التي يحتاجونها. وفي رد على هذا، كتب "كالهون" دون أن يضع اسمه ما عرف باسم "بيان واحتجاج ساوث كارولاينا". فقد وضع نظرية مفادها أن الولايات المفردة التي اعتقدت أن القانون غير دستوري تستطيع أن تدعو من تلقاء نفسها لمؤتمر خاص على مستوى الولاية لبحث الأمر. وإذا قررت أغلبية المجتمعين –"الأغلبية المتلاقية" إن القانون غير دستوري فيصبح مواطنو الولاية غير ملزمين به. وقامت هذه الفكرة في جانب منها على سابقة أقدم في تسعينيات القرن الثامن عشر، وتمثلت المساهمة المميزة لكالهون في ابتكار نظرية سياسية مفصلة لإبطال القوانين وأيضاً تقديم دليل إرشادي للممارسة لتنفيذها على مستوى الولاية. وبحلول عام 1832، بلغت الأزمة التي ساعد كالهون في خلقها مرتفعات خطرة. وانعقد مؤتمر في "ساوث كارولاينا" وأعلن بطلان الرسوم وعدم تطبيقها رغم خفض المعدل، الذي وافق عليه الكونجرس لتهدئة الجنوبيين. واستدعى المجتمعون 25 ألف مسلح من الولاية للتصدي للقوات الاتحادية. والأسوأ من كل هذا فقد تعهد المؤتمر بالانفصال إذا حاولت الحكومة الاتحادية التصدي لـ"ساوث كارولاينا" في عدم امتثالها للقانون. وأثناء هذه العملية انتقلت عملية الإبطال من جزء تجريدي لتنظير سياسي إلى تهديد فعلي للاتحاد. ولم يحتمل الرئيس "أندرو جاكسون" أيا من هذا، خاصة عندما يأتي من نائبه السابق. ورغم انه من مالكي العبيد ومن الجنوب، لكن الرئيس أعلن صراحة أن غير الممتثلين للقوانين مدانون بالخيانة وحذر قائلًا "إذا سالت قطرة دم واحدة في تحد لقوانين الولايات المتحدة فسوف أشنق أول رجل... وسوف أستخدم أول شجرة أجدها" في الشنق. ولم يكن "جاكسون" هازلًا، فعندما سئل أحد حلفائه إذا كان الرئيس جاداً قال "عندما يبدأ جاكسون في الحديث عن الشنق... فلتبحثوا عن الحبال!" لكن رد فعل جاكسون كان مزيجاً من الخطابة والبراجماتية الفجة: فقد لوح بسيوف الاتحاد، لكنه نقل عملية جمع الرسوم إلى قبالة الشواطئ بعيدا عن مواني "ساوث كارولاينا" مقلصاً فرصة الاشتباك بين قوات الولاية وقوات الاتحاد. وفي الوقت نفسه أجاز عملية تقليص للرسوم مما سمح لمن لا يمتثلون للقانون أن يعلنوا انتصارهم ويعودوا لمنازلهم. لقد تم تفادي أخطر أزمة دستورية قبل الحرب الأهلية. وتواجه البلاد أزمة سببها الكثير من نفس الآليات: أقلية متضررة تكره قانوناً اتحادياً وتريد أن تفعل كل شيء في سلطتها كي تقضي عليه. وحزب "الشاي" في فلسفته العدمية أقرب في الروح إلى الرافضين لتنفيذ القوانين الاتحادية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر الذين يريدون تعريض الاتحاد للخطر من أجل إبطال قانون.