المشروعات الصغيرة والمتوسطة واحدة من الآليات والأدوات الفعالة التي يمكن أن تستخدمها الحكومات في خدمة أهدافها التنموية، خصوصاً فيما يتعلق بالتوظيف وتوفير فرص العمل، وتنويع القواعد الإنتاجية وتطوير القطاعات الحيوية في الاقتصاد، ورفع مستويات الدخول ومستويات معيشة السكان، وتنمية المناطق الجغرافية النائية، وتحسين معدلات الإنتاجية، وغيرها من الأهداف الحيوية؛ وذلك لما تتميز به فئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خصائص تمكنها من تحقيق هذه الأهداف بسهولة وفي وقت قصير وبتكاليف أقل نسبياً مقارنة بالمشروعات الكبيرة. هناك العديد من الدول ذات التجارب الناجحة في استثمار هذه الخصائص المميزة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودمجها بشكل مناسب في المنظور والتخطيط التنموي الشامل، وتعدّ إيطاليا واحدة من هذه الدول. ولعل اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع إيطاليا في هذا المجال، والذي جاء ضمن البنود التي تباحث بشأنها الطرفان، في «الملتقى الإماراتي- الإيطالي للأعمال»، الذي انعقد مؤخراً على أرض الإمارات، يأتي من قبيل رغبة الدولة في الاستفادة من الخبرة الإيطالية الكبيرة في هذا المجال. شهد الملتقى الإماراتي- الإيطالي" الأخير توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين، تهدف إلى بناء علاقة استراتيجية طويلة الأجل، عبر آليتين مهمتين، هما: أولاً، المنفعة المتبادلة والتعاون الثنائي في مجالات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في كلا البلدين على الإسهام في ذلك. ثانياً، استكشاف جميع الفرص المتاحة للتعاون الثنائي في الجوانب التكنولوجية وفرص إنشاء مشروعات ومبادرات مشتركة بين الطرفين، تسهم في دعم أنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالاعتماد على البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي. الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، هي واحدة من الخطوات العديدة لدولة الإمارات في مسيرتها الطويلة على طريق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي يمكن القول: إنها كانت بمنزلة السياسة الثابتة طوال السنوات الماضية، حيث إنها كانت قد شهدت إنشاء مؤسسات وصناديق متخصصة في دعم هذه الفئة المهمة من المشروعات، كـ«صندوق خليفة لتطوير المشاريع» و«مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، وغيرها من المؤسسات. وفي الإطار ذاته، تخطط «المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة» حالياً، بالتعاون مع «صندوق خليفة» لإنشاء حاضنات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في إمارة أبوظبي، كإحدى المبادرات الجديدة والنوعية في هذا المجال. وجدير بالذكر أن حاضنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي عبارة عن منطقة شبيهة بالمنطقة الحرة المتخصصة، تتوافر فيها حزمة متكاملة من الخدمات والتجهيزات والتسهيلات اللازمة لتأسيس المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتكون تحت إشراف فني وإداري من قبل عدد من المتخصصين وذوي الخبرة. وهناك العديد من التجارب الدولية الناجحة في استخدام هذه الآلية في تطوير ذلك القطاع المهم من المشروعات، ويمكن هنا الإشارة إلى تجارب كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين وإيطاليا وفرنسا وكوريا الجنوبية والبرازيل، وهي جميعاً تجارب نجحت في توظيف الحاضنات في بناء قطاع قائم بذاته من الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وهي تجارب يمكن لدولة الإمارات استخلاص الدروس المستفادة منها، وتعميم استخدامها في جميع المؤسسات الوطنية العاملة في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتفعيل دور هذه المشروعات ودمجها بشكل مناسب في خطط ورؤى التنمية في الدولة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية