دفعني إعلان الأمم المتحدة تخصيص 11 أكتوبر يوما عالميا للفتيات الصغيرات إلى التفكير في التحديات التي قد تواجهها ابنتي البالغة من العمر تسع سنوات لمجرد كونها فتاة. فرغم انتقادي لتخصيص الأمم المتحدة لأيام عالمية لبعض القضايا المهمة- لأن حملاتها الدعائية تجنح إلى التفاؤل المرسل الذي يحلق عاليا فوق تعقيد سياسة العالم الواقعي- فاليوم العالمي للفتيات الصغيرات حفزني على التفكير بشكل بناء. فابنتي محظوظة بالطبع، لأنها ولدت في واحد من أغنى المجتمعات وأكثرها استقراراً، مما يقلل احتمالات مواجهتها بعضا من أبغض عمليات عدم المساواة التي تواجهها الفتيات في أنحاء أخرى من العالم. لكن بالطبع ليس حتى الولايات المتحدة بمفازة من مخاطر العنف الجنسي أو التمييز الاقتصادي. ودعني افترض أن ابنتي مواطنة على الكرة الأرضية من بين 900 مليون فتاة أعمارهن من 15 عاما إلى ما دون ذلك من بنات العالم الأخريات. فما نوع الحياة التي لها الحق في أن تتوقعها؟ في المقام الأول، تستحق العيش في مجتمع حر يحترم حقوقها الإنسانية بصرف النظر عن الجنس. والأنظمة السياسية ليست بالضرورة أفضل مقياس لهذا. فمن الرائع أن رواندا بها عدد متساو من الرجال والنساء في البرلمان على سبيل المثال، لكن هذا يجعلني أتساءل إذا كان هذا يعني شيئاً حقاً في بلد للرئيس فيه القول الفصل في كل شيء. وهناك الكثير من الطغاة في العالم الذين يزعمون أنهم يدعمون حقوق المرأة بتعهدهم بتوفير فرص متساوية، لكني أتساءل الآن عن مدى ما يمكن أن يؤخذ من هذه التعهدات جديا، عندما يمكن إلقاء هؤلاء النساء في السجن لمجرد انتقادهم زعماءهم. فلا شك أن الديمقراطية هي أفضل من أي صيغة حكم أخرى، رغم أن مجرد تواجد المؤسسات الديمقراطية لا يضمن تلقائيا احتراما ملائما لحقوق الفتيات. ولننظر إلى الهند، فالفتيات ينتزعن من المدارس قسراً ويجبرن على الزواج في سن الطفولة. لكن على الأقل، يناقش الهنود علناً نواحي القصور وهو ما ييسر عملية التطور والتغيير لكني لا اعتقد أن الأمر كذلك في دول أخرى. ابنتي تستحق نفس درجة التعليم التي يحظى بها نظراؤها الذكور. فيجب أن يسمح للفتيات بدراسة كل الموضوعات التي يسمح للرجال بها ومنها الرياضيات والعلوم التي تعتبر غالباً "غير ملائمة" للفتيات. فإذا وجدت ابنتي في نفسها شغفا بالهندسة فلم لا؟ وللأسف فمازال كثير من المجتمعات أسيرة فكرة أن العلوم والتكنولوجيا والرياضيات من المجالات الطبيعية للرجال. وفي الصين على سبيل المثال، فالنساء لا يمثلن إلا ثلث القوة العاملة في الوظائف المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا والرياضيات. وفي المدرسة، تستحق ابنتي فرصة المشاركة في الرياضة التي تراها ملائمة، ويجب ألا تخضع ابنتي لعمل استغلالي قسري. فلا مبرر للعبودية في عالمنا المعاصر. لكن مازال ينظر الى الفتيات كمتاع وعقار يمكن الاتجار به. وهذا غير مقبول، فالبشر، والأطفال بخاصة، لا يمكن امتلاكهم. ولسوء الحظ فالفتيات هن الأضعف أمام مثل هذه الضغوط من داخل أسرهم وخارجها. ابنتي تستحق العيش على كوكب تعامل فيه والفتيات الأخريات، باعتبارهن كائنات بشرية كاملة التكوين ولسن مجرد دمى أو متاع. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ كريستيان كاريل باحث بارز في مركز ليجاتوم انستيتيوت البحثي- لندن. ينشر بترتيب مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيوج نيز سيرفس"