بات مصير النظام السوري رهيناً بين السلاح الكيماوي والسلاح التقليدي الذي لا يزال ساري المفعول على أرض المعركة، على رغم أن الحديث توقف عنه، وعن الكيماوي مستمر، بل متطور فيما إذا صدر قرار من الأمم المتحدة تحت البند السابع فيما لو أخلت سوريا بالتخلص من هذا الكيماوي الذي أثار زوبعة عالمية لن تتوقف على المدى المتوسط على أقل تقدير. وبهذا يكون النظام السوري كسب مزيداً من الوقت الإضافي لاستمراره إلى ما بعد الانتخابات المقبلة في عام 2014 إلا إذا حدث ما لا يتوقع من الداخل فيما يتعلق بحراك المعارضة والجيش الحر، فيما إذا حدث انقلاب في موازين القوى العسكرية التي لا تزال مختلة، مع غلبة النظام الحاكم حتى هذا الوقت. كاد السلاح الكيماوي يودي بكل الحلول الدبلوماسية التي كانت مطروحة، حتى جاءت الصفقة الروسية- الأميركية بعدم الذهاب أو الاقتراب من الضربة التي كانت متوقعة في أية لحظة عسكرياً على الأقل حتى تدخلت السياسة في التأجيل إلى حين تسليم كافة المخزون السوري من هذا السلاح الذي كان من المفترض في يوم ما أن يكون رادعاً للعدو الأبدي، فها هو اليوم ينتزع منه سم الردع إلى شأن آخر. على رغم أن ضحايا السلاح التقليدي قد فاق عددهم المئة ألف، وعدد ضحايا الكيماوي لم يتخط الألف وخمسمائة ضحية إلا أن القرار لم يكن بسبب أعداد الذين سقطوا، بل بسبب مباشر من الكيماوي الذي وضعه أوباما في خانة «الخط الأحمر» من أجل الضرب، ومع ذلك أنقذت السياسة من وقوع ذلك ميدانياً. تداخلت خطوط التماس في سوريا بعد القرار «الكيماوي»، بسبب روسيا وأميركا والأمم المتحدة والداعمين المباشرين للنظام السوري والدول التي تساند المعارضة بالمال والسلاح، ومع إطالة أمد الحسم في الشهور القادمة، ومع تفاقم الجانب الإنساني، فإن الوضع لم يعد بيد طرف واحد، فكل طرف يبحث عن صالحه وليس صالح الشعب السوري بشكل عام، وهنا تكمن الإشكالية التي قد تودي بالأوضاع الميدانية إلى حرب أهلية يشترك فيها النظام والجيش الحر المعارض و«جبهة النصرة» و«القاعدة» التي بدأت تناطح الجيش الحر في معارك جانبية تبعد الثوار عن تحقيق الأهداف السلمية التي خرج من أجلها الناس إلى الشوارع مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة، فهذه الشعارات النبيلة ستدخل في خانة المجهول وهي معلومة بالضرورة الإنسانية لدى الجميع. وهذا مشروع بحاجة إلى مشروع إنقاذ عاجل لصالح كل الأطراف المتحاربة، فالتعويل على ما يخرج به مؤتمر جنيف 2 إن عقد ليس حلاً لأن الخلاف دب في انعقاده من عدمه منذ الإعلان عنه، لكون أطراف النزاع متمسكين بشروطهم الخاصة، فالمعارضة لم تقبل التنازل عن أهم الشروط وهو رحيل النظام، والنظام لم يبد أي مرونة سياسية في هذا الإطار. فجلوس الجميع على طاولة جنيف 2، بلا شروط هو أصعب شرط يواجه هذا المؤتمر إذا أريد له وضع نقاط الأزمة السورية على السطور السائلة بالدماء في ميدان المعركة الحقيقية.