ملاسنة أطلسية أفغانية في أفق «الانسحاب»... وشراكة أكثر إيجابية في محاربة الإرهاب الغارة التي نفذتها قوات خاصة أميركية لاعتقال «أبو أنس الليبي» في طرابلس، والعراقيل التي تعترض تنفيذ الاتفاق حول تفكيك أسلحة سوريا الكيماوية، وتصريحات حامد كرزاي المنتقدة لتدخل «الناتو» في أفغانستان... موضوعات استأثرت باهتمام الصحافة الدولية. مكافحة الإرهاب «الطريقة الخطأ لمحاربة الإرهاب» تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «ذا هيندو» الهندية افتتاحية عددها ليوم الأربعاء وخصصتها للتعليق على الغارة التي نفذتها قوات خاصة أميركية داخل ليبيا لاعتقال قيادي مفترض في تنظيم «القاعدة» في وقت سابق من هذا الأسبوع. الصحيفة قالت إنه بغض النظر عن المكاسب التكتيكية التي حققتها الغارتان الأميركيتان الأخيرتان على أهداف «إرهابية» في ليبيا والصومال، إلا أنه يجدر بالولايات المتحدة أن تفكر في التكاليف الاستراتيجية التي تفرضها مثل هذه «الضربات الجراحية» على البلدان المستهدفة، وعلى المنطقة، وعلى الولايات المتحدة نفسها. واعتبرت أن كون هذه الضربات كللت بنجاح نسبي -مثلما في حالة اعتقال نزيه عبدالحميد الرقيعي، المعروف أيضاً بلقب «أبو أنس الليبي»، في ليبيا -ينبغي ألا يدفع الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي للاعتقاد بأن الحرب على الإرهاب يمكن حسمها من السماء. إلى ذلك، قالت الصحيفة إن الحكومات في اليمن والصومال وليبيا تكافح لمحاربة «القاعدة» والتنظيمات التابعة لها لأنها تفتقر إلى القدرات اللازمة على الميدان -لتأمين حدودها ومراقبة أراضيها- مضيفة أن الهجمات الأميركية بواسطة طائرات بدون طيار أو الغارات الخفية التي تقتل إرهابياً أو اثنين لن توقف عنف المتطرفين في تلك البلدان مثلما أنها لن تجعلها أقل جاذبية للمجموعات الإرهابية. بل على العكس، ذلك أنها قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار أكثر -وتولد استياءً وغضباً شعبياً من النظام في حال وقعت إصابات في صفوف المدنيين -وهو ما قد يفضي إلى توفير ملاذات آمنة للمنظمات الإرهابية مثل «القاعدة». والأدهى من ذلك، تقول الصحيفة، هو أن مثل هذه الضربات تترك الحكومات المحلية والإقليمية وحيدة في مواجهة رد انتقامي ممكن من هذه المجموعات. ولذلك، فإن الجهود الأميركية ينبغي ألا تكون موجهة للالتفاف على هذه الدول وإنما لدعم مهاراتها وقدراتها في محاربة الإرهاب. ولفتت إلى أن أوباما عمد خلال رئاسته إلى تكثيف استعمال القوة العسكرية الخفية، سواء من خلال الضربات بواسطة طائرات بدون طيار أو الهجمات الإلكترونية أو عمليات القوات الخاصة، مضيفة أن أوباما، الذي وعد خلال حملته الأولى بقدر أكبر من التعقل والاتزان في عمل الجهاز التنفيذي، يبدو راضياً عن ترك الغاية تبرر الوسيلة. وبغض النظر عن المعلومات الاستخبارية التي كانت وراء الغارة في ليبيا، تقول الصحيفة، فإنه كان يجدر بالولايات المتحدة أن تدرك التكلفة السياسية لشن هجوم في دولة بدون موافقة حكومتها التي تحظى باعتراف عالمي. واعتبرت أن احتجاج طرابلس القوي على ما قامت به القوات الخاصة الأميركية يبرز سؤالاً مزعجاً: ذلك أنه إذا كان تغيير النظام، على الطريقة الليبية، لم يفض إلى وضع تستطيع فيه الولايات المتحدة العمل والتعاون مع الحكومة من أجل هدف يشتركان فيه رسمياً، فثمة بدون شك خلل ما في المقاربة الأميركية الأكبر تجاه المنطقة. ثم ذهبت إلى القول إنه بغض النظر عن أخطائه -وما أكثرها- إلا أن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي كان على الأقل ذا قبضة قوية. ومن خلال إسقاطه وتدمير كل مؤسسات السلطة، تقول الصحيفة، أسدت الولايات المتحدة خدمة كبيرة لبعض الجماعات المتشددة محذرةً من خطر تكرار الخطأ نفسه في سوريا أيضاً. تدمير الكيماوي صحيفة «جابان تايمز» أكدت ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء على صعوبة المهمة المنوطة بفريق خبراء الأسلحة الكيماوية الذي دخل إلى سوريا الأسبوع الماضي وشرع في مهمة تفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، معتبرةً أن استمرار الحرب الأهلية يخلق بيئة تجعل من أداء هذه المهمة صعباً للغاية. غير أن إكمال هذه الأخيرة بنجاح يظل أمراً مهماً وأساسياً، كما تقول، مثلما وضحت ذلك على نحو مروع الأفلام الفظيعة لهجمات كيماوية في وقت سابق من هذا العام. الصحيفة قالت إن الحرب الأهلية السورية هي أكبر وأصعب العقبات. صحيح أن تدمير الأسلحة الكيماوية دائماً صعب؛ إلا أن تلك المهمة لم يسبق أن نُفذت وسط نزاع مسلح. وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أن المفتشين سيعتمدون على الجيش السوري لتوفير الحماية لهم عندما ينكبون على أداء مهمتهم، وهو ما يطرح بعض المشاكل: ذلك أن قوات المعارضة قد لا تميز بين الوحدات المختلفة التابعة للنظام السوري -الوحدات التي توفر الحماية لمفتشي الأسلحة الكيماوية والوحدات الأخرى، كما أن موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قد يلفتون انتباه الثوار على اعتبار أن وجودهم سيكون مؤشراً على وجود ذخيرة كيماوية. والتحدي الكبير الثاني هو ضمان أن يقوم النظام السوري بتحديد كل مخازن الأسلحة. فبعض التقارير تشير إلى أن النظام كشف عن 19 موقعاً للأسلحة الكيماوية، وهو نحو ثلث المواقع التي تعتقد أجهزة الاستخبارات الغربية أنها موجودة. ومرة أخرى، فإن حقيقة كون فريق التفتيش يعتمد على الجيش السوري في توفير الحماية فهذا يعني أن المفتشين لن يستطيعوا تحدي مضيفيهم وحراسهم في حال شعروا بأن هؤلاء لا يقدمون لهم الصورة الكاملة. وفي هذا الصدد، أشارت إلى أن الأسد قد يعتقد أنه يستطيع إخفاء بعض المخازن على سبيل التحوط إزاء جاره الممتلك للسلاح النووي. أما المشكلة الثالثة، فتتمثل في حقيقة أن اتفاق الأسلحة الكيماوية يبقي الأسد في السلطة ويضفي عليه الشرعية باعتباره شريكاً في المفاوضات مع الغرب، وهو ما يُضعف تشديده السابق على ضرورة أن يرحل. وحسب الصحيفة، فإن الاتفاق الذي نوقش في الأمم المتحدة لن يوقف الدمار المهول الذي يلحقه النظام بالمعارضة بواسطة الأسلحة التقليدية؛ كما أن المعاناة الإنسانية، التي اقتلع فيها ملايين السوريين واضطروا للفرار، ستستمر. ومع ذلك، ترى أن ضم سوريا إلى اتفاقية الأسلحة الكيماوية يعتبر خطوة مهمة إلى الأمام. ثم إنه إضافة إلى القضاء على أسلحتها والبنية التحتية لبرنامجها، فإن سوريا ستكون مطالَبة أيضاً بتقديم معلومات وتفسيرات بخصوص كيفية حصولها على هذه الأسلحة، والمواد الكيماوية، وأي مساعدة أخرى، وهو ما سيساعد كثيراً في تحديد وسد أي ثغرات في النظام المنظم الدولي. كرزاي و«الناتو» صحيفة «ذي أستراليان» الأسترالية أفردت افتتاحية عددها ليوم الأربعاء للرد على ما ورد في تصريحات للرئيس الأفغاني حامد كرزاي من انتقادات لقوات «الناتو» في بلاده وقال فيها من جملة ما قال «إن قوات الناتو -التي تشارك فيها أستراليا- لم تجلب إلى بلده غير المعاناة وفقدان الأرواح، ولم تحقق أي مكاسب من حيث الأمن». وفي هذه التصريحات التي أدلى بها في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، لم يقل كرزاي «أي كلمة عن الـ3500 جندي التابعين لقوات الناتو الذين قُتلوا خلال الـ12 عاماً الماضية، أو عن أرواحهم التي ضحوا بها في سبيل دعم حكومته والدفاع عن أفغانستان من طالبان الظلاميين، أو عن الآلاف الأخرى من الجرحى والمعطوبين بشكل دائم». وبدلاً من ذلك، تضيف الصحيفة، اغتنم كرزاي المقابلة لتكرار الفكرة القائلة بأن «الناتوً» يتواطأ مع «طالبان» لتبرير وجود عسكري مستمر بعد انسحاب القوات الدولية المقرر في عام 2014. وفي معرض ردها على هذه الاتهامات، قالت الصحيفة إن كرزاي يدين بمنصبه كلياً للغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001 والذي طرد «طالبان» من كابول، معتبرة أنه من دون ائتلاف «الناتو»، فإنه كان من المستبعد أن يستمر كرزاي ونظامه طيلة هذه المدة. كما اعتبرت أنه من غير الملائم القول إن جهود «الناتو» كانت مضيعة للوقت ولم تجلب سوى الموت والبؤس، مشددةً على أن دافع كرزاي واضح لا لبس فيه: البقاء في السلطة. ومن أجل ذلك، تقول الصحيفة، أخذ يستألف «طالبان» قبل انسحاب قوات «الناتو»، بل إنه أخذ يتحدث عن إمكانية عودتهم إلى كابول ويلح على أنها لن تقوض التقدم. الصحيفة أكدت أن الإنجازات التي حققتها قوات «الناتو» ثابتة ولا يمكن إنكارها، معتبرةً أن تضحياتها لم تذهب سدى لأنها ساهمت في تحسين حياة ملايين الأفغان -وخاصة النساء والأطفال – كما ساهمت في الدفاع عن العالم من إرهاب الحركات المتطرفة. و«هذا هو الواقع الذي لا يمكن محوه، أو حتى التقليل منه، من خلال ما يقوله كرزاي». إعداد: محمد وقيف