حان الوقت كي تتوقف إسرائيل عن التهديدات العسكرية وتقوم بتحرك دبلوماسي مبتكر للمساعدة في تخفيف التوترات في الشرق الأوسط. ويمكنها البدء بالاعتراف ببرنامجها للأسلحة النووية. فقد اتهمت إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما المؤكد منذ سنين طويلة أن إسرائيل تمتلك مئات القنابل والصواريخ النووية وأنظمة مختلفة لإطلاقها، ومازالت تصر على الإنكار. ومازال نتنياهو وزعماء إسرائيليون آخرون يتهمون طهران بالخداع لقولها إن برنامجها النووي سلمي. لكن ربما يرى نتنياهو أن إيران تتبع درب إسرائيل قبل 50 عاماً عندما انضمت إلى نادي الأسلحة النووية الصغير نسبياً في حينه. ففي الستينيات أخفت إسرائيل برنامجها النووي الذي كانت تنفذه في مركز الأبحاث النووية بصحراء النقب في ديمونة. ولم تخدع المجتمع الدولي فحسب، بل أيضاً حليفتها المقربة الولايات المتحدة. وفي بداية عام 1966، عندما باعت الولايات المتحدة الطائرات المقاتلة «إف-4» لإسرائيل، أكدت إدارة جونسون على التزام تل أبيب بتعهدها. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية الإسرائيلي أبلغ نظيره الأميركي بأن إسرائيل لا تعتزم إنتاج أسلحة نووية، قائلاً: «لن نستخدم طائراتكم لحمل أسلحة لا نمتلكها ونأمل ألا نمتلكها أبداً». ولعل هذا ما جعل نتنياهو شديد اللهجة أثناء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما هاجم تصريحات الرئيس الإيراني عن سلمية البرنامج النووي لطهران. وعندما تساءل نتنياهو: «لماذا تبني دولة، تزعم أنها لا تريد إلا طاقة نووية سلمية، منشآت تخصيب تحت الأرض؟»، عندها تذكرت ديمونة. وتقول منظمة «مبادرة الحظر النووي»، ومقرها في واشنطن، إن منشأة «ماتشون 2» في ديمونة «أكثر المباني حساسية في مركز الأبحاث النووي في صحراء النقب، حيث توجد ستة طوابق تحت الأرض مخصصة لإنتاج البولوتنيوم والترتيوم والليثيوم-6» لصناعة الأسلحة النووية. على كل حال، بدأت واشنطن منذ الستينيات تتواءم مع فكرة عدم الاعتراف صراحة بالأسلحة النووية الإسرائيلية. لكن ماذا عن اتباع النموذج الحديث لروسيا وسوريا؟ فبعد أن رفض بوتين والأسد الاعتراف بامتلاك دمشق أسلحة كيماوية، اعترفا أن سوريا لديها أسلحة كيماوية، وأن دمشق سوف تنضم إلى معاهدة الأسلحة الكيماوية، وستدمر البرنامج برمته، وذهبت فرق التفتيش إلى سوريا! والراجح أن حافظ الأسد بدأ في إنتاج الأسلحة الكيماوية كطريقة أقل كلفة للرد على البرنامج النووي الإسرائيلي، وحصل على مساعدة من الاتحاد السوفييتي في حينه، لكن خلال السنوات التالية طوّر قدرات محلية وقام بعمليات شراء سرية لمواد كيماوية من شركات أوروبية. وبعد أن رأت إسرائيل ما يفعله الأسد، مضت قدماً في تطوير برنامجها للأسلحة الكيماوية في سبعينيات القرن الماضي. وكانت إسرائيل من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية الأسلحة الكيماوية عام 1993، لكنها مازالت بين ست دول لم تصدق عليها. وفي 19 سبتمبر، قال بوتين: «امتلكت سوريا الأسلحة الكيماوية كبديل أمام الأسلحة النووية الإسرائيلية». ثم ربط ما توافق عليه سوريا بما قد تبحثه إسرائيل. وفي نفس اليوم، سئل بيريز ما إذا كانت إسرائيل أيضاً ستتخلى عن أسلحتها الكيماوية فقال: «أنا متأكد أن حكومتنا سوف تبحث الأمر جدياً». لقد حان الوقت لإسقاط الواجهة التي تخفي خلفها إسرائيل برنامجها النووي، لأن واشنطن وتل أبيب تقولان إن مزيداً من الشفافية هو أحد الأهداف المرجوة للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني! والتر بنكوس محرر الشؤون الاستخباراتية والدفاعية في «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»