إن الصراع الدائر في سوريا لا يدمر فقط حياة الشعب السوري ولكن أيضاً تراثه – وتراث العالم كذلك. سوريا هي كنز التاريخ، ودمشق وحلب وتدمر وما يقرب من 10 آلاف موقع أثري هناك تحمل بقايا آلاف السنوات من الحضارة. ففيها عاش وحارب الإغريق والرومان والفرس والمسيحيون والمسلمون فيما يسمى الآن بسوريا، وكما أوضح مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في اجتماع اليونسكو الأخير، فإن «عدداً قليلاً من البلدان الغنية ثقافياً، والتي لديها مثل هذا الماضي المجيد، تمثل أهمية كبرى لما نحن الآن، لنا جميعاً، ولكل الأشياء التي تصنع وصنعت الحضارة الإنسانية». القطع النقدية، والمجوهرات، والمنحوتات وغيرها من الآثار الموجودة في المواقع الأثرية في سوريا قد تكون جميلة بصورة مذهلة، ويسعى إليها جامعو القطع الأثرية. وقد تسبب تجار الآثار في دمار الكثير من القطع الأثرية في الماضي، ولكن الحكومة السورية منعت تصدير الآثار منذ عام 1963، وهذا يعني أنها لم تكن تجارة قانونية، ولكن الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية في سوريا تمنح اللصوص وتجار الآثار فرصة غير مسبوقة للتهريب والسرقة. فالمواقع الأثرية الستة في سوريا دمرت نتيجة لحفريات اللصوص بحثاً عن الآثار القابلة للبيع. مئات من المدن والمقابر القديمة تبدو وكأنها خلقت مثل سطح القمر كما تظهر في الصور التي التقطها علماء الآثار العاجزون عن وقف أعمال النهب. ومنذ بدء الاقتتال في عام 2011، وجد المحققون أن مئات من الآثار السورية تعرض للبيع في السوق السوداء في لبنان وتركيا، فيما يعد الخطوة الأولى في سلسلة من المعاملات التي ستؤدي في كثير من الحالات إلى بيع هذه الآثار في الولايات المتحدة وأوروبا. وقد أصدرت وزارة الخارجية يوم الأربعاء «قائمة طوارئ حمراء» تضم فئات من الآثار السورية المعرضة للخطر. لست في حاجة إلى السفر إلى مستودع سري في بيروت للحصول على الآثار السورية. يمكنك ببساطة الدخول على شبكة الإنترنت لتحصل بمبلغ 119 دولاراً على عملة تم سكها منذ 150 عاماً قبل الميلاد لملوك السلوقيين في افاميا والتي كانت مدينة مزدهرة والآن أصبحت موقعاً أثرياً يتعرض للنهب بصورة كبيرة في شمال حمص في الريف السوري. والنهب يكون مغرياً لجميع أطراف النزاع، سواء كانوا من المقاتلين الذين يحتاجون إلى التمويل أو غير المقاتلين الذين فقدوا وسائل الدعم نتيجة للحرب. ولكن مهما كانت دوافع النهب، فالآثار قيمتها أكبر من ذلك. هناك حل بسيط: لا تشتر الآثار. تمثل الولايات المتحدة السوق الرئيسية لبيع الآثار المهربة والتي تضم المشترين الذين يدركون قيمتها وغيرهم ممن لا يدرك هذه القيمة. والأميركيون بإمكانهم خلق سوق للآثار المهربة وتحفيز عمليات النهب، كما أن بإمكانهم أيضاً إحباط هذه السوق. فقد كان هناك نقصاً كبيراً في الصيد غير الشرعي للأفيال بعد أن قرر الأميركيون أن جمال العاج ليس سبباً لجلبه إلى السوق بهذه الوسائل المدمرة. وتوقفنا عن شراء كل ما هو مصنوع من العاج، مما أحدث فرقاً، وهذا ما يجب فعله عند رؤية قطعة نقدية أو قطعة من المجوهرات تعود إلى الماضي. وإلى جانب ذلك، فإن استخراج قطع الآثار «التي يتم إنقاذها» يشمل تدمير الموقع الأثري المحيط بها، وكذلك أي قطع أخرى من الآثار تفتقر إلى مستوى الجمال المطلوب في الأسواق. وعندما يتم تدمير الموقع المحيط لن تكون هناك أي فرصة للقيام بدراسة متأنية تكشف عن إنجازات الحضارات القديمة. من الأفضل عدم شراء هذه الآثار، خاصة تلك التي تأتي من سوريا أو أي مكان آخر يصطدم، فيه النزاع بالتراث مثل: العراق وأفغانستان وأجزاء من أميركا الجنوبية ومصر، التي تم نهب متحف كامل بها في شهر أغسطس حيث قام مثيرو الشغب بسرقة الآثار وحرق المومياوات، وكما يصارع المجتمع الدولي للقيام بعمل من شأنه إنهاء حالة الموت والدمار في سوريا، بإمكان كل منا مد يد المساعدة عن طريق عدم شراء الآثار السورية. من أجل التراث السوري وتراث العالم، فإن عدم وجود سوق يعني الكف عن النهب. إيرين تومسون محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي. تي. انترناشونال»