من خلال استطلاعات الرأي قبيل اقتراع 2012، اعتقدت الحملة الانتخابية لأوباما والصحافة ومنظمو الاستفتاءات أن الرئيس سوف يفوز بولاية ثانية. كما كان الجمهوريون وحملة رومني على قناعة بأن الانتخابات معيبة، غير أن الناخبين يتصرفون بشكل مختلف يوم الاقتراع. كان هناك خاسر واضح في هذه التجربة. إننا نواجه اختباراً مماثلاً الآن سيتسبب في تسريح العاملين في الحكومة الاتحادية، أو الإبقاء عليهم دون الحصول على مرتباتهم. وتظهر استطلاعات الرأي معارضةً ساحقة لاستراتيجية الحزب الجمهوري. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين في تغريدة له، إن استطلاع الرأي الذي جرى في جامعة كوينبياك صباح الثلاثاء يظهر أن 72 بالمئة من الأميركيين يعارضون قيام الكونجرس بـ«إغلاق الأنشطة الرئيسية للحكومة الفيدرالية» كوسيلة لتعطيل برنامج أوباما حول الرعاية الصحية. وبالنسبة للمحافظين الذين يؤيدون الإغلاق، فإن هذه الأرقام، إما مخطئة أو قابلة للتغيير. وفي الساعات الأولى للإغلاق، كانت الأمور تبدو سيئة جداً بالنسبة للجمهوريين. إنه لأمر مدهش كيف كانت الاستطلاعات متوافقة حيال ربط المواجهة حول برنامج الرعاية الصحية بأسعار معقولة مع تمويل الحكومة. وبينما تظهر استطلاعات الرأي أن الجمهور لا يوافق على القانون، فقد أخبر منظمي الاستفتاء أنه لا يفضل ربط عمليات الحكومة بسحب التمويل من خطة الرعاية الصحية. وإلى جانب استطلاع الرأي الذي أجري في كوينبياك، كانت استطلاعات «سي بي إس» و«سي إن إن» و«سي إن بي سي» و«ناشيونال جورنال»... تظهر النتيجة نفسها. كما قال السناتور الجمهوري جيف فليك، فقد وجد الجمهوريون هذه المناورة أقل شعبية من برنامج أوباماكير. أما المحافظون فلم يغلقوا الحكومة بسبب برنامج أوباما للرعاية الصحية، بل قام زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ (هاري ريد) بإغلاق الحكومة لأنه رفض التفاوض. هذا صحيح؛ لقد رفض ريد التفاوض، لكن الشعب الأميركي سيرى هذه المواجهة بصورة مختلفة لإعطاء الجمهوريين أي نفوذ. وحالياً، يتفق الجمهور مع الديمقراطيين: تمويل الحكومة، وحل برنامج أوباماكير لا يجب أن يكون جزءاً من النقاش. والآن، بعد أن أصبح الإغلاق حقيقة، أصبحت الوحدة بين الديمقراطيين والجمهوريين أمراً بالغ الأهمية. إن الديمقراطيين متحدون، حتى أن النواب الديمقراطيين الذين يسعون لإعادة انتخابهم في الولايات التي يغلب عليها الجمهوريون لم ينسحبوا. وإذا ما أراد الجمهوريون الصمود أمام الرأي العام الساحق، فستصبح الوحدة أثناء فترة الإغلاق في غاية الأهمية، وعليهم أن ينشدوا النشيد نفسه: «تصرفنا للحفاظ على الحكومة من دون إغلاق، بينما نحاول حماية الأميركيين من إجبارهم على نظام لا يثقون به، وفيه الكثير من المشاكل التي قام الرئيس بإعفاء الشركات الكبيرة منها وليس الناس العاديين». لكن ليس هناك وحدة في «جوقة» الجمهوريين. وقد اتضح ذلك حتى قبل بدء الإغلاق، حيث تحدث أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين بصراحة عن حماقة نهج حزبهم، ولهذا السبب فإن ماكين كان يذكر في تغريداته أرقام الاقتراع التي تقوض قضية البيت الجمهوري. وفي أكثر المعارك ملحمية مع الرئيس الديمقراطي، سوف يبتلع الجمهوريون خلافاتهم الداخلية ويوحدون صفوفهم ضد العدو المشترك. لكن ليس هذا هو الحال مع الإغلاق. فقد ذكر العديد منهم في نقاشات شخصية أن الحزب سوف يتجه إلى الدمار إذا ما أغلق الحكومة متحججاً بأوباما كير. أثناء فترة الإغلاق سوف تتباطأ حركة التجارب السريرية والبحث والتطوير في المعامل الحكومية. ومع ذلك، فقد تم للتو إطلاق تجربة سياسية ضخمة حول الرأي العام، والحكومة المنقسمة وقوة مجموعة صغيرة من المؤمنين الحقيقيين. جون ديكرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»