هل بالإمكان تقديم حل حسابي للأزمة السورية؟ في الواقع التسوية العملية هي الوضع التقليدي لقوة نظرية اللعبة (أو الصراع بين أطراف اللعبة)، وهي تحليل رياضي للتوصل لأفضل النتائج الممكنة في الصراعات حيث لا يعلم أي جانب ما الذي سيفعله الجانب الآخر. المسألة لا تتعلق بالفوز بقدر ما تتعلق بالبحث عن أقل الخيارات سوءاً، تماماً كما فعل أوباما وبوتين وبشار.لا أحد يحصل على ما يريد بالضبط، ولكن أيضاً لا أحد يخسر كل شيء. المواجهة السورية، في أبسط أشكالها هي لعبة "الدجاج" أو"الصقور والحمائم"، وهي لعبة لعبها الفنان جيمس دين في فيلم "متمرد بلا قضية" عندما طلب منه صديقه "بوز" أن يتحداه في سباق السيارات المسروقة على السفح الجبلي، الشخص الذي سيخرج أولاً من السباق سيصبح هو "الفرخ" ويفقد مكانته واحترامه. إن "جيم" الذي أدى دوره دين يقفز من السيارة في آخر لحظة، ولكن أثناء السباق علق جاكت "بوز" في باب السيارة، ولم يستطع القفز، فسقط من على المنحدر، ولقي حتفه، وانتهت اللعبة. وأقل الحلول سوءا بالنسبة للاعبين يتمثل في تخليهما عن كبريائهما والقفز في وقت مبكر. والفائز سيشعر بالفرح، ولكن حتى الخاسر سيكون أمامه اللعب في يوم آخر. فعلى المدى الطويل، يكون الاستعداد للحصول على القليل أفضل من خسارة كل شيء هو استراتيجية الفوز. ومن الأسباب أن مسألة أن يحصل الفائز على كل شيء (لعبة محصلتها صفر) تؤدي إلى أوضاع غير مستقرة وخطرة حتى بالنسبة للفائز. أما الجانب الخاسر فلديه سبب بسيط للتعاون وكل الأسباب للرد على الهجوم بمثله أو بما هو أسوأ. مثل هذه الحسابات تنطبق إلى حد أكبر على سوريا. وعندما نصر على أسلوب "الفائز يأخذ كل شيء "، فلن يتمكن أحد من الفوز في نهاية الأمر. وإذا التهمت الأسماك الكبيرة كل الأسماك الصغيرة، فإن ذلك سيجعل حتى كبار اللاعبين يتضورون جوعاً. إنها الحجة التي اسمعها غالبا في مجتمع الأعمال بالنسبة للسياسات الاقتصادية التي تشجع على التوزيع العادل للثروة. فالأمر لا يحتاج للكثير من الحسابات لنفهم أنه عندما يكون معظم الناس ليس لديهم ما يكفي من المال لشراء المنتجات، فإن الأرباح ستتلاشى في نهاية الأمر. الاستقرار يتطلب ليس فقط قدراً من الإنصاف ولكن أيضاً تصورا للعدالة. الحصول على أقل الحلول سوءا يتطلب أن يكون كلا الطرفين على استعداد للعيش بأقل مما يريدون؛ وإذا شعر أحد الجانبين أنه سيحصل على كل من الأسوأ والأقل، فلن يكون هناك هدف من اللعب. سواء كان أمر التفتيش عن أسلحة سوريا الكيماوية من اختصاص الأمم المتحدة أم لا، فإن التوقف الحالي في الأزمة سيمهل الجميع الوقت للتفكير ملياً في الأمور. الأمر يستحق خسارة قدر من المكانة في مقابل اللعب ليوم آخر، ربما في لعبة تعزف أكثر لكي تكسبك المزيد من نقاط القوة. إن الهدف الأهم الذي سعت روسيا إلى تحقيقه من وراء الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن السلاح الكيميائي السوري، هو الحؤول دون توجيه ضربة عسكرية أميركية عقابا لنظام بشار الأسد، لا تجريد هذا النظام من سلاحه الكيميائي. وبرأيي، فإن روسيا ستوجّه جل اهتمامها من الآن فصاعداً من أجل عدم تجريد سوريا من هذا السلاح. ما حدث حتى الآن يشكل إنجازاً لروسيا التي نجحت في أن تجد حلاً لأزمة استخدام السلاح الكيميائي السوري يخدم محور موسكو - طهران -دمشق، ويحول دون حصول أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا. في الوقت عينه، فإن الولايات المتحدة امتنعت عن التدخل في سوريا من دون أن تدفع ثمناً باهظاً لكل من روسيا وإيران في مقابل إنهاء الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد. كي سي كولي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي. تي.إنترناشونال»