تحذير من أفغانستان جديدة في الصومال... وإيران تعاني صراع هويات أصداء الهجوم الإرهابي على مركز تجاري في نيروبي، ووصفة لضمان الاستقرار في أفغانستان بعد انسحاب قوات «الناتو» في 2014، وصراع هويات في إيران... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. هجوم نيروبي أول من أمس، وتحت عنوان «الهجوم على المركز التجاري في نيروبي هجوم ضدنا جميعاً»، كتب «لويسي برانسون»، مقالاً في «يو. إس. إيه. توداي»، أشارت في مستهله إلى أصداء هجمات 11 سبتمبر 2001، والتي ردد ساعتها الأميركيون سؤالاً: لماذا نحن؟ الكاتبة ترى أن كابوس 11 سبتمبر تكرر هذا الأسبوع، لكن ليس في أميركا، بل في كينيا البلد الذي ينحدر منه والد الرئيس أوباما. الهجوم على المركز التجاري في العاصمة الكينية جعل المكان أشبه بفيلم هوليودي، حيث ظهرت أسلحة ثقيلة، ورجال مدربون جيداً ويحملون بنادق، ورهائن، ومئات القتلى والجرحى، وقوة شرطية كثيفة. المسلحون الذين نفذوا الهجوم على المركز ليسوا من تنظيم «القاعدة»، بل ينتمون إلى حركة «الشباب» الصومالية، وربما تكون استنساخاً لـ«القاعدة»، حيث سيطروا على أجزاء من الصومال وسعوا لتطبيق الشريعة. ولدى «لويسي برانسون» قناعة، بأن الخطوة الأكثر فعالية التي يتعين على أوباما اتخاذها هي التوجه إلى نيروبي بصفته «نصف كيني»، وهناك يستطيع الرئيس الأميركي القول للكينيين وحركة «الشباب» والأميركيين والعالم كله بأن الكينيين في حاجة إلى أن يظلوا أقوياء، كي تستمر قواتهم داخل الصومال، وليس سحب قواتهم من هناك، فهذا ما يريده الإرهابيون، ويسعون إلى تحقيقه من خلال الهجومات الجبانة، والطريقة الوحيدة لمواجهتهم هي التصدي لهم بحزم. واستنتجت الكاتبة أن المعركة الراهنة ليست كينية فقط، أو أميركية. فالخطر يكمن في أن تتحول الصومال إلى أفغانستان جديدة، ووجود صومال بها أصوليون خارجون على القانون، ستكون في وقت لاحق حاضنة لبن لادن صومالي، يشن هجمات جديدة ضد الولايات المتحدة، طالما أن لديه ملاذاً مثلما كانت أفغانستان لتنظيم «القاعدة» وبن لادن. وبعد الهجوم على المركز التجاري في العاصمة الكينية، ينبغي توجيه رسالة مفادها: كلنا كينيون، وهذه الرسالة ليست من أجل التعاطف فقط، بل للحيلولة دون وقوع هجوم إرهابي جديد. في النهاية تؤكد «لويسي برانسون» على أن ترك الصومال لحركة الشباب ليس حلاً. استقرار أفغانستان تحت عنوان «طريق الاستقرار الأفغاني»، نشرت «واشنطن بوست» أول من أمس افتتاحية، رأت خلالها أن إطلاق باكستان لسراح 8 من قيادات «طالبان» يعزز الأمل في إمكانية استئناف محادثات السلام. في الواقع تحمل عملية إطلاق السراح إيماءة إلى أن الحكومة الباكستانية تريد تحسين علاقاتها مع أفغانستان، وليس دفع عملية السلام بين «طالبان» والحكومة الأفغانية. وبينما تلوح فرصة تحقيق اختراق على طريق الاستقرار، الأفغاني خلال الشهور المقبلة، فإن الأمر يعتمد على مسألتين مختلفتين: أولاً: الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014، والاتفاقية الأمنية المؤجلة بين الولايات المتحدة وأفغانستان. وحسب الصحيفة، ثمة ارتباط بين المسألتين، على الأقل بالنسبة للمسؤولين الأميركيين. وإذا كان الاتفاق الأمني يمكن استكماله في نهاية أكتوبر المقبل، فإنه سيعطي الأفغان، إحساساً بالثقة، في وقت يبحثون فيه عن بديل للرئيس كرزاي. والاتفاق أيضاً سيمكن القوات الخاصة الأميركية والمدربين العسكريين الأميركيين من البقاء في أفغانستان حتى نهاية عام 2014، الاتفاق يجعل الأفغان يعتقدون أن حكومتهم المقبلة لن تتم الإطاحة بها على يد «طالبان». الانتخابات- إذا كانت حرة ونزيهة- ستطرح قائداً أفغانياً جديداً يحظى بدعم شعبي واسع، وإلى الآن تسير الاستعدادات بشكل جيد نسبياً، وكرزاي وقع على قانون الانتخابات، وتعهد خلال هذا الشهر، بأنه لن يحاول توجيه الانتخابات نحو مرشح بعينه. وتقول الصحيفة إن مئات الآلاف من الناخبين الأفغان الجدد قد سجلوا أسماءهم. وعلى أفضل تقدير، فإن اتفاقية أمنية متماسكة يلتزم بها الرئيس الأميركي وحلف شمال الأطلسي، من أجل الالتزام بعدد مناسب من القوات تظل في أفعانستان بعد عام 2014، إضافة إلى انتخاب رئيس أفغاني جديد، كلها تطورات ستعطي «طالبان» وداعميها في باكستان، حوافز على التفاوض لإحلال سلام تفتقر إليه أفغانستان. الصحيفة استنتجت أن الفشل في استكمال الاتفاقية الأمنية، أو الإخفاق في إجراء الانتخابات ستكون كارثة، للولايات المتحدة وأيضاً لأفغانستان، وإذا لم تتوصل إدارة أوباما لاتفاق مع كرزاي بشأن الاتفاقية الأمنية، فإن على الرئيس الأميركي التحلي بالصبر والتركيز على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، والانتظار حتى يأتي رئيس أفغاني جديد. صراعات الهوية الإيرانية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «هل الطاقة النووية بالفعل تأتي ضمن جوهر الهوية الإيرانية؟» رأت «كريستيان ساينس مونيتور» أن الأميركيين هذا الأسبوع سيقتربون أكثر من الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، وسيلقي خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وترى الصحيفة أنه يتعين على أوباما انتهاز الفرصة، وإجراء محادثات مع روحاني رجل الدين الذي تلقى تعليمه في إحدى الجامعات الأسكتلندية. روحاني يسعى لإنهاء العقوبات الاقتصادية على بلاده، ووضع حد للتهديد بتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية. روحاني، كتب يوم الجمعة الماضي، مقالاً في «واشنطن بوست»، قال فيه "إن العالم لا يفهم جوهر الهوية الإيرانية، التي تمتد إلى الانخراط في برنامج سلمي لإنتاج الطاقة النووية». الصحيفة استغربت كلام روحاني، وتساءلت: لماذا تغلف أمة ما هويتها بغموض يتمثل في دورة الوقود النووي، في وقت تخلت فيه دولة متقدمة عن هذه التقنية الباهظة والخطيرة والمعقدة؟ المزاعم الإيرانية تثير شكوكاً حول سعي طهران لامتلاك قدرات تمكنها من تصنيع سلاح نووي، وهي شكوك تزداد قوة جراء افتقار برنامج إيران النووي للشفافية. وفي إطار السير وفق دبلوماسية صارمة، يتم تكثيف الاهتمام أثناء المفاوضات، على توازن المصالح والقوى، والأبعاد الأمنية، وغالباً ما يتم التركيز على مصالح مادية تتعلق بالأسلحة والنفط والموانئ والتجارة. ونقلت الصحيفة عن «روحاني» قوله : «لابد من الانتباه إلى مسألة الهوية، كعامل توتر، سواء في الشرق الأوسط أو خارجه. وكرامة إيران وموقعها في مركز العالم يتطلب امتلاكها القدرة على توليد الطاقة النووية». لكن الصحيفة ترى أن تحقيق توازن في المصالح أسهل من تفهم مسألة الهوية، وتجنب خوض حرب ضد إيران ربما يكمن في تفهم هوياتها المتصارعة. ومنذ ثورة عام 1979، والنظام الثيوقراطي شبه الديمقراطي في إيران يجري مهاماً عديدة خارج حدود بلاده، تتضمن تقديم إيران كزعيمة للعالم الإسلامي، أو قائدة للدول الصغيرة في مواجهة القوى الكبرى، أو كنظام يسعى لاسترداد الماضي الإمبريالي، عندما كانت الثقافة الفارسية- حسب الصحيفة مهيمنة على الشرق الأوسط. هذه «الهويات الانتقالية»، أثارت استياء قوى إقليمية أخرى كإسرائيل وبلدان إسلامية كالسعودية التي رفضت تصدير ثورة الإسلام السياسي، وشجع النظام الإيراني «القومية الفارسية» للتخفيف من الشعور التاريخي بعدم الأمن وغياب العدالة. وبعيداً عن مزج الهويات، تنظر إيران للطاقة النووية على أنها تلعب دوراً مهيمناً، ففي خطاب ألقاه المرشد الأعلى أمام علماء الطاقة الإيرانيين، تحدث عن «الروح الجهادية» لدى هؤلاء العلماء، وأنهم يساعدون في محاربة الشر، وأن الطاقة النووية ستجعل إيران مستقلة في مجال الطاقة وقادرة على مواجهة القوى الكبرى، كالولايات المتحدة. ومع ذلك، كثيرون في العالم الإسلامي، يرفضون محاولة إيران تصدير الثورة، والولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي ينظران إلى سرية برنامج إيران النووي على إنها غطاء لاستخدام عسكري لليوارنيوم المخصب، وليس الهدف من البرنامج تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة. ولأن دور إيران الخارجي يواجه تحديات مزمنة، تعاني إيران أزمة هوية، فتكلفة دورها الخارجي باهظة، وثمة استياء داخلي من حكم الملالي، وبدأت العقوبات تؤثر في الاقتصاد الإيراني، ووصفت الصحيفة إيران بالمملكة المنقسمة على نفسها، والتي لابد من أن تحسم طموحاتها المتنازعة. لا غرابة إذن، في تصريحات المرشد الأعلى، التي يقول فيها: إن ببلاده تظهر مرونة بطولية في سياستها الخارجية. إعداد: طه حسيب