اضطلع نائب رئيس حزب "المؤتمر" الهندي الحاكم راهول غاندي بحملة الحزب للانتخابات البرلمانية التي من المقرر إجراؤها في أقل من عام من الآن عام 2014. ويحاول سليل أسرتي نهرو وغاندي تحديث الحزب البالغ من العمر 126 عاماً والضارب بجذوره في التقاليد وحكم السلالة. والسياسي نفسه البالغ من العمر 43 عاماً هو نتاج حكم السلالة، فوالده راجيف غاندي وجدته أنديرا غاندي وجده الأعلى جواهر لال نهرو، وجميعهم رؤساء وزراء سابقون ويمثلون الأسرة الحاكمة السياسية في الهند. ويحاول "راهول" أن يحقق الشفافية والتقاليد الديمقراطية في الحزب، حتى لا يكون مؤلفاً من أبناء وبنات زعماء حزب "المؤتمر" الهندي. وطرح لتنفيذ ذلك نموذجاً أقرب شبهاً بإدارة الشركات في أقدم حزب سياسي في الهند. وفي أحدث تحرك له كشف "راهول" عن مشروع رائد سيطلب فيه من الطامحين للترشيح أن يملؤوا طلباً من خمس صفحات، إذا أرادوا أن يتنافسوا ضمن قائمة المرشحين في الحزب. والهدف من المشروع، الذي إذا نجح سيتم توسيعه، هو القضاء على ضغط جماعات المصالح وتقليص سلطة الوسطاء السياسيين، الذين يمارسون نفوذاً في اختيار المرشحين. ووعد "راهول" الذي أصبح الرجل الثاني في سلسلة القيادة في حزب "المؤتمر" في وقت سابق هذا العام، بعد أن أصبح نائباً لرئيس الحزب في خطبة قبوله المنصب أنه سيحقق الديمقراطية والشفافية في الحزب الذي تتم فيه عملية اختيار المرشحين بطريقة سرية تماما. ولم يكن هناك إلا القليل من الشك أن "راهول غاندي" سيتولى زمام أمور أقدم أحزاب الهند السياسية، الذي تديره والدته سونيا غاندي على مدار الأربعة عشر عاما الماضية. ومنذ توليه منصب الرجل الثاني في القيادة قبل ستة شهور، قدم السياسي الشاب استبيانا لقياس أداء المرشحين. وتضمن هذا نظاماً للدرجات بحسب الألوان، يستند على فحص ربع سنوي يستهدف بعض وحدات الولايات كطريقة لتقييم الأداء الإجمالي والاستعداد للانتخابات. وسيحدد نظام الترتيب بحسب الألوان هذا الذي طبق قبل شهرين أداء أصحاب المناصب في وحدات الولايات، فالأحمر للسيئ والأصفر للمتوسط والأخضر للجيد. وموظفو الحزب الذين يحصلون على اللون الأحمر، لن يسمح لهم بالترشيح على قائمة الحزب فحسب في الانتخابات، بل سيفقدون مناصبهم في الحزب أيضاً. ويتعين على وحدات حزب "المؤتمر" في الولايات أن يملؤوا استمارات بها أسئلة مثل: ماذا حققت في الشهور الاثنى عشر الماضية وماذا فعلت للاستعداد للانتخابات؟ وعالم الشركات ليس غريباً على "راهول غاندي"، الذي عمل مستشاراً إدارياً في شركة في لندن لثلاث سنوات، بعد أن حصل على درجة جامعية في الاقتصاد. وفي عام 2004، عاد إلى الهند ليضطلع بحمل ميراثه السياسي كوريث لتركة غاندي ونهرو. ودخل معترك السياسة في العام نفسه، وفاز بمقعد برلماني تشغله الأسرة تقليدياً في ولاية "أوتار براديش". وفي عام 2007، عين أميناً عاماً للحزب مسؤولًا عن جناح الشباب، ونُظر إليه باعتباره سياسياً متردداً، وقد انفق القسط الأكبر من سنواته الثمانية على هامش الحياة السياسية ورفض منصباً وزارياً في حكومة مانموهان سنج أو الاضطلاع بدور أكثر نشاطاً في الحزب حتى بداية هذا العام. ورغم أن نسبة السياسي ليس محل شك فسجله السياسي لم يختبر بعد. ولدى حزب "المؤتمر" مشكلات أكبر مع دخول الانتخابات العامة هذه المرة من بطء إيقاع الاقتصاد وهبوط قيمة العملة وارتفاع أسعار الغذاء وحالة الكآبة العامة. وتعثرت قصة النمو الاقتصادي الهندي منذ نسبة النمو المؤلفة من رقمين بين عامي 2004 و2008. وأثناء الشطر الأكبر من العام الماضي، اُتهمت الحكومة التي يقودها حزب "المؤتمر" بالتقاعس عن العمل، وأربكتها سلسلة من فضائح الفساد. ورغم أن الحكومة حاولت أن تحفز الاقتصاد بطئ الحركة بفتح قطاعات البيع بالتجزئة والطيران لجذب الاستثمارات الأجنبية وتسريع إيقاع مشروعات البنية التحتية المتوقفة، لكن الحكومة افتقرت للكفاءة في التصدي لمشكلة بطء النمو الاقتصادي. وأيضاً في الشهور الأربعة الماضية، انخفضت الروبية نسبة قياسية بلغت 20 في المئة. وهذا سيمثل قضية محورية في الانتخابات المقبلة. وحاول رئيس الوزراء مانموهان سنج، الاقتصادي الضالع في السياسة، الذي لعب دوراً محورياً في فتح الهند أمام العالم، أن يهدئ الأسواق والشركات الكبيرة. واعترف بأن البلاد "تواجه وضعاً صعباً"، وقال إن الاقتصاد يتضرر من عوامل داخلية ودولية. لكن يتعين على رئيس الوزراء الهندي أن يتبع كلماته بفعل لأن النمو البطيء للبلاد واللوائح الصارمة نفرت المستثمرين الأجانب الذين سحبوا أموالهم من البلاد. وكي تعزز صورتها باعتبارها تقف في صف الفقراء لتحسن فرص فوزها في الانتخابات العامة لعام 2014، أقرت حكومة حزب "المؤتمر" مشروع قانون لتقديم حبوب غذاء رخيصة لفقراء الهند. ويحذر منتقدون أن البرنامج يواجه مشكلات في التنفيذ وسيستنزف موارد الحكومة في وقت يتباطأ فيه نمو البلاد. وينظر إلى "راهول غاندي" باعتباره مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء عن حزب "المؤتمر"، وهو يتحرك ببطء نحو المسرح السياسي لحزب "المؤتمر" الهندي. وتعاني والدته سونيا غاندي رئيسة الحزب مشاكل صحية كثيرة وتتلقى علاجاً وتسافر من حين إلى آخر إلى الولايات المتحدة الأميركية لإجراء فحوصات. وتوعكت سونيا غاندي في الآونة الأخيرة أثناء تصويت مهم على مشروع قانون في البرلمان الهندي بشأن الغذاء، وتعين نقلها على وجه السرعة إلى مستشفى من مقر البرلمان نفسه. وبعد ذلك بأيام نقلت إلى الولايات المتحدة لإجراء فحوصات دقيقة هناك. وبينما يجب الإشادة بالجهود الذي ينفذها "راهول غاندي" لتطهير سياسات الحزب، ففي نهاية المطاف، فإن أداء الحزب في أرض الواقع، هو الأهم وليس الديمقراطية الداخلية داخل دواليب الحزب.