«الإخوان المسلمون» ينفون تورطهم في العنف الذي تشهده مصر، والنفي لا يبرئهم مما تشهده مصر منذ رحيل مرسي، فتصريحات رموزهم كانت واضحة عندما قال البلتاجي إن ما تشهده سيناء مرتبط بعودة الشرعية ممثلة بمرسي! سيناء، ومنذ رحيل مرسي، تشهد أعمال عنف مسلح، وهو بكل تأكيد لم ينزل من السماء صدفة، فالأمر مرتبط بجماعات مسلحة تسعى لخلق الاضطراب السياسي ولنقل مصر نحو مرحلة جديدة من العنف المسلح. والسيارة المفخخة في طريق موكب وزير الداخلية هي كذلك علامة على التحول إلى أعمال العنف المنظم من قبل جماعات مسلحة تنتمي لحركات إسلامية. ومجمل القول هو إن جماعة «الإخوان» تنتهج المواجهات المسلحة مع الأمن المصري وتصر على عودة «الشرعية» وجر البلاد نحو مزيد من الاضطراب. ويبدو أن الجماعات المسلحة تسعى لنقل النموذج العراقي إلى المشهد المصري، ما يجعلنا نتساءل حول علاقة رحيل مرسي بتنامي العنف المسلح الذي تشهده الساحة المصرية! العنف يرتبط بمنهجية «الإخوان»، فهم تورطوا بأعمال عنف عبر التاريخ وأدبياتهم تؤكد نهج العنف، كما أن بعض الحركات الجهادية التي تسلحت بالعنف خرجت من رحم «الإخوان»، ومن ثم فنهج العنف يعد أحد أهم وسائل التغيير التي تتبعها بعض حركات الإسلام السياسي في البلاد العربية. واليوم أمام «الإخوان» مساحة للتعايش السياسي إذا ما قبلوا مفهوم تبادل السلطة، وعملوا ضمن آليات الديمقراطية. فهم كحركة سياسية عليهم أن إعادة تقييم خطابهم ومدى انسجامه مع طبيعة العمل السياسي وإلا فسيصبحون خارج الملعب السياسي. أما خيار العنف والمواجهة المسلحة فهو خيار تتحمل الجماعة وحدها تداعياته، خصوصاً أن هناك إجماعاً مصرياً على رفض حكم «الإخوان» بعدما جربه المصريون خلال سنة كاملة. يبدو أن المواجهة تتسع مع الحركات السياسية ذات المرجعية الدينية، فهي حركات لا تؤمن بالتغيير السلمي والتداول الديمقراطي، كما أنها حركات ترى أهلية الحكم محصورة فيها وحدها، ما يجعلنا نتساءل حول مستقبل هذه الحركات. من الواضح أن الدين يشكل أحد أهم محاور العمل السياسي في المنطقة العربية، فهو يوظف من قبل الحركات السياسية والحكومات على حد سواء، كل منهم يحارب الآخر بنفس الأداة، ما يزيد الإنشاق في صفوف المسلمين قاطبة. ويبقى السؤال: هل نحن أمام مرحلة جديدة في محاولتنا لفهم دور الدين في بناء الإنسان؟ لا يبدو أننا نقترب من فصل الدين عن السياسة، لأسباب تاريخية معقدة، مما يفرض على نظم الحكم تحمل أعباء التوظيف السياسي للدين، خصوصاً أننا نشهد تجارب حية ماثلة، فالعراق مثلاً لم يستطع الخروج من عباءة العنف رغم مظلة الديمقراطية، وهذا ما يدعو الجميع لحساب مخاطر التوظيف السياسي للدين. جماعة «الإخوان» في مصر تتجه نحو العنف اعتقاداً منها بأنه النهج الذي يخيف الغرب ويزيد من حدة العنف المسلح الموجه للمصالح الغربية، ومن الواضح أن العنف المسلح لن يقتصر على مصر وإنما تتسع دوائره في بعض دول الجوار. لقد أصبح من المحال فك العنف عن التنظيمات الإسلامية، لكونها غير قادرة على استيعاب قواعد الديمقراطية.