مما لا شك فيه إلى حد كبير، أن قوات الأسد استخدمت أسلحة كيماوية على نطاق واسع ويجب معاقبتها. هذا ما انتهيت إليه، لكن القضية ليست بهذه البساطة. أحياناً لا يمضي الإصرار على مبدأ ما بنا بعيداً، فالمشكلة تتمثل في أنه أي مبدأ؟ فهناك تضارب بين عُرف منع استخدام الأسلحة الكيماوية، وعُرف تقييد استخدام القوة العسكرية وأعراف المحافظة على القانون الدولي، والتنبؤ بنتائج اتخاذ إجراء أو عدم اتخاذ إجراء هي مسألة موازنة بين احتمالات وليس بين أمور مؤكدة. فإذا اعتقد المرء أنه توصل إلى الصواب في هذه القصية، فإنه لم يمعن فيها النظر. وأتمنى أن يتخذ أوباما قراراً بشكل أسرع، وأن يقيم حجة أكثر إقحاماً للمسار الذي اختاره- فبوسع المرء أن يكون حذراً دون أن يكون متردداً، وأوباما ليس مخطئاً في أن يرى هذه القضية باعتبارها خياراً صعباً. والبدائل تقلصت، فقد أصبح الخيار بين ضربة عقابية محدودة أو عملية رقابة أهدأ مثل فرض عقوبات، وكتابة صحيفة اتهام بموجب القانون الدولي. فكلما اتسع الدعم لأي عمل، كان أكثر فعالية في الحفاظ على العرف. والوقت ليس حاسماً في هذه الحالة، لذا فأوباما محق في أن يسعى لأوسع دعم ممكن في بلاده والخارج. والمرء لا يستطيع أن يستبعد الافتقار للدعم وسط حلفاء أميركا ووسط المواطنين الأميركيين. فإذا لم ترغب بريطانيا في الاشتراك في الضربات الجوية ضد الأسد، فهذا في حد ذاته يقوض الدفاع عن حرمة استخدام الأسلحة الكيماوية. والشيء نفسه قد يكون صحيحاً للهجمات العقابية بغير دعم من الكونجرس أو من البلاد. وتذكروا أن الهدف ليس مجرد تدمير الأسد عسكرياً، فالولايات المتحدة تستطيع ذلك دون حلفاء أو موافقة من الكونجرس، لكن الهدف هو التعبير عن إجماع أدبي. ويقول أوباما إنه اتخذ قراره وإن من حقه التحرك بصرف النظر عما يقرره الكونجرس. وضرب سوريا لو رفضه الكونجرس سيكون مقامرة كبيرة. فهل يعني هذا أنه أخطأ عندما طلب التفويض؟ مرة أخرى، لا. فكلما كثر ما يحصل عليه أوباما من دعم قويت الثقة – وهذا مهم. لكن ماذا عن المصداقية؟ فمعظم الذين يحثون على شن هجوم يقولون إن مصداقية الولايات المتحدة في موضع اختبار. ولديهم حق، فالمصداقية مهمة بالتأكيد- لكنهم يبالغون. وأخطأ أوباما حين قال إن الأسلحة الكيماوية "خط أحمر" في سوريا، دون أن يكون متأكداً من أنه يعني ذلك. وتوجيه تهديدات دون الاستعداد لتنفيذها حماقة. لقد قالها والتقاعس عن تنفيذ ما قاله سيكون له كلفة. وعلينا أن نتعلم هذا الدرس. هل التقاعس عن مهاجمة سوريا يجعل وعد أوباما بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية أقل مصداقية؟ أشك في ذلك. فامتلاك إيران أسلحة نووية أكثر تهديداً بكثير للمصالح الأميركية من سوريا التي ترغب في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبها. الحالتان مختلفتان للغاية، وحجة المصداقية وجيهة، لكن كما قلت، مبالغ فيها. وإذا نفذت الضربات الجوية بشكل جيد فقد تحقق هدفها بكلفة قليلة لتمنع الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ثانية، وتردع الأنظمة المفلسة أخلاقياً. لكنها قد تتسبب أيضاً في عقاب جماعي وتقتل مدنيين. وقد يحظى الأسد بميزة دعائية هنا، وقد يستخدم الأسلحة الكيماوية بجرأة أكبر مرة أخرى مما يجعل الولايات المتحدة ترد مرة أخرى – وهذا التصعيد قد يحمل أوباما على دخول حرب لا تريد الولايات المتحدة خوضها. وقد يقع انتقام إرهابي ضد الولايات المتحدة، وقد تغير الضربة العسكرية الأميركية ميزان الحرب ضد الأسد، وقد تؤدي إلى انهيار نظامه سواء قصدت الولايات المتحدة ذلك أم لا. إنها قضية ليست سهلة الحسم لكني أعتقد أن حرمة استخدام الأسلحة الكيماوية تستحق الدفاع عنها، والجائزة تستحق المغامرة. آمل أن يوافق الكونجرس. كليف كروك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة "نيويورك تايمز"