توفي منذ عدة أيام آخر حُراس هتلر ليكون آخر شاهد على عصر الزعيم الألماني الغريب الأطوار، أو كما أشيع عنه في الإعلام لا يمكن البتة الجزم بصدقيته وقد وصف هذا الحارس «هتلر» بأنه كان رجلاً طيباً. وقد يكون «هتلر» فعلاً كذلك زعيماً ألمانياً حلم بأن أمته أعظم أمة لولا أخطاء أدت به إلى هاوية الهزيمة. فالتاريخ لا يرحم المهزومين ولا ينصف إلا أصحاب انتصارات وهمية لم تحقق على أرض واقع الاختبارات وممارسات الإنسانية. فلم يكن أيام هتلر وسائل تواصل عصرية، حتى نعرف ما يحدث كل ثانية حول العالم، ولعلها كانت فرصة اليهود السانحة في تشويه تاريخه، وفي تحويله إلى مجرم دون أي حقائق أخرى عن عهده وطريقة إدارته لبلاده. وفي التاريخ الفرنسي، نجد أن نابليون بونابرت لم يذكر التاريخ إلا انتصاراته، في حين أنه كبّد بلاده الكثير من الهزائم التي دفع الفرنسيون بعدها الثمن باهظاً. وهذا ما ينسحب على الكثيرين من الزعماء العرب الذين أظهرهم الإعلام أبطالاً وهم في الحقيقة مجرد طغاة مستبدين أساءوا لبلادهم، لدرجة إمعانهم في إهانة أوطانهم وشعوبهم. كذب التاريخ كثيراً، حين تعمد المستشرقون تصوير الكثير من الشخصيات الإسلامية بأنهم أهل مغامرات، أو أنهم طغاة، أو حتى اختزلوا إنجازاتهم في قصص فرعية تافهة. ورغم أن هناك جهوداً جبارة من الكثير من الباحثين المسلمين لإعادة وكتابة التاريخ، لكن يظل التاريخ فيه من التشويهات والأكاذيب والاستفزازات، ما يجعل الحكم غير دقيق على الكثير من الزعماء الذين مروا على التاريخ. اليوم اختلف الأمر مع التقنيات الحديثة، فلم يعد هناك أسرار يمكن إخفاؤها وبالتالي الافتراء على التاريخ، والادعاء بما لم يكن أو عبر الاحتفاء بالبطولات، رغم وقوع هزائم محققة. وهو الأمر الذي يعد خسارة كبيرة لحارقي البخور، فبالرغم من استماتتهم في التدليس، فإن الحقيقة ساطعة وجلية لا يمكن إخفاؤها بأي حال وبأي محاولة كانت. لم يعد هناك فرصة الكذب رغم كثرته. لكن التاريخ اليوم يُكتب بحبر موحد قادر على إيقاف نزيف الكذب، وعلى إعطاء كل ذي حق حقه. وحتى وإنْ كانت الشمس مغطاه، فإن صورها وهي ساطعة تأتي بحقائق الوقت التي تدحض مسلسل الافتراء الطويل.