خلال الأسبوع الماضي، وبينما كان أوباما يحتفل بعيد ميلاد مارتن لوثر كينج صاحب الشعار الشهير "لديّ حلم"، كانت إدارته تنفذ في ولاية لوزيانا ومن وراء الستار أعمالاً وممارسات تتعارض تماماً مع "حلم كينج". ولقد تجرأت وزارة العدل على الولاية التي أعمل الآن حاكماً لها، عندما أصدرت حكمها بوقف العمل "ببرنامج التمدرس" الذي أطلقناه منذ عدة سنوات ويسمح لأطفال الأقليات ذات الدخل المنخفض بالانفصال عن مدارسهم الحكومية ذات الأداء الفاشل والالتحاق بمدارس خاصة. وبمعنى آخر، يريد أوباما ومعه النائب العام «إريك هولدير» الإبقاء على التلاميذ في هذه المدارس أو النقل إلى مدارس فاشلة أخرى. وهذا يعني أيضاً أنهما يستغلاّن قواعد نبذ التفرقة العنصرية لوقف العمل بإجراءات منع التمييز بين التلاميذ. ولا بأس من التذكير هنا بأن أكثر من 90 بالمئة من الأطفال المتمدرسين في ولاية لويزيانا هم من الأقليات، وأن 100 بالمئة من أولياء أمورهم وافقوا على القبول بأنظمة التمدرس القائمة في الولاية. أوباما قال خلال خطبته الأخيرة إنه يناضل من أجل تأمين حقوق هؤلاء التلاميذ بالعيش في "الحلم الأميركي"، إلا أن من شأن قراراته الأخيرة أن تقضي على أحلامهم برمتها. وأما نحن، بصفتنا نمثل وطناً ودولة، فلقد حققنا تطوراً مشهوداً في اتجاه تحقيق "حلم كينج". وما زال العمل الكثير والدؤوب في انتظارنا، إلا أن الممارسات السياسية غير المنهجية التي تتبنّاها إدارة أوباما ستعيد معركة الحقوق المدنية عقوداً إلى الوراء. وكلنا نعلم بدورة الفقر المؤلمة التي تعاني منها بعض الشرائح الاجتماعية في الولايات المتحدة، وبأن من تمكن من الخروج من هذه الدائرة هم أقلية محدودة العدد. وأشارت دراسات تتعلق بالرعاية الصحية ومعدلات دخول السجون وتوزيع الفرص الاقتصادية بين الشرائح الاجتماعية المختلفة في أميركا، إلى أن التعليم هو المدخل الأساسي لترقية مستوى العيش. ونحن نرى كيف أن ملايين الآباء في بلدنا يكدحون بالعمل في وظيفتين منفصلتين حتى يتمكنوا من مواجهة أعباء الحياة، وهم يأملون من كدّهم هذا ألا يروا أطفالهم في المستقبل وهم يتعرضون لهذه المعاناة. ويقف في وجه أمنيتهم هذه وجود خيار وحيد يتمثل باضطرارهم لتسجيل أطفالهم في مدارس حكومية أثبتت فشلها الدائم، وهم في عوز للمصادر والدخول التي تتيح لهم نقل أطفالهم إلى المدارس الخاصة. ونحن نرى أن من حق كل تلميذ أن يحظى بالتعليم ذي النوعية الرفيعة. ويمكن لكل هذا أن يفسر السبب الذي دفعنا إلى إطلاق العمل ببرنامج "الحق في اختيار المدرسة" في مدينة نيو أورليانز عام 2008 ثم ما لبثنا أن وسعناه إلى الولايات المختلفة الأخرى عام 2012. وبات في وسع العائلات ذات المداخيل المحدودة والتي تكون قد سجلت أبناءها في مدارس من المستوى الثالث أو الرابع أو الخامس (C,D or F)، أن تعيد تسجيلهم في المدارس الناجحة التي تختارها. ولقد أثبت البرنامج نجاحه، وبين عامي 2011 و2013، حقق التلاميذ الذين كانوا "محتجزين" في المدارس الفاشلة ثم انتقلوا إلى المدارس ذات الأداء النوعي، تحسناً كبيراً في التحصيل المدرسي وخاصة في اختبارات مادتي الآداب والرياضيات. وارتفعت معدلات التلاميذ المتفوقين بأكثر من 7 بالمئة وفقاً لبيانات صادرة عن ولاية لويزيانا، وهذا بالرغم من أن التلاميذ الذين أثبتوا تفوقهم خلال العام الدراسي 2013 كانوا قد التحقوا بمدارسهم الجديدة قبل 8 أشهر فقط. وأعرب أكثر من 90 بالمئة من أولياء التلاميذ المشاركين في البرنامج عن رضاهم من أداء المدارس الجديدة التي التحق بها أبناؤهم. وربما تحقق هذه الفرصة الجديدة للتلاميذ الحظوظ الكافية للانفلات من ربقة الفقر في المستقبل. ولا يمكن لأي عاقل أن يزعم أن سعي وزارة العدل لإغلاق "برنامج التمدرس" يمكنه أن يساعد هؤلاء التلاميذ على تحقيق أحلامهم. وينبغي على أوباما الآن أن يأمر وزارة العدل بتجميد القانون الجديد. ليس لأنني أطالبه شخصياً بذلك، بل لأن أولياء التلاميذ المشاركين في "برنامج التمدرس" يستحقون الفوز بهذه الفرصة المتاحة أمامهم. ولقد بقيت الحكومة عبر الأجيال العديدة الماضية، تفرض على العائلات ذات الدخل المحدود أن تتسلّح بأمل الحصول على نتائج باهرة لأبنائها من مدارسها المتعثرة. وإنه لمن المخجل بالنسبة لنا جميعاً أن نبقى صامتين ونحن نرى الأجيال المتوالية من أطفالنا وهم يلتحقون بمدارس سيئة. ونحن في ولاية لويزيانا عزمنا على رفض هذا القانون لأننا نؤمن بأن من حق كل طفل الفوز بفرصة لتحقيق النجاح. ولا شك أن "برنامج التمدرس" الذي أطلقناه ليس هو بصيص أمل لتحقيق نجاح التلاميذ، لكن من المرجح أن يقدموا عن طريقه نتائج أفضل من تلك التي يقدمونها عند الانتساب للمدارس الحكومية أو المدارس الخاصة ذات الأقساط المنخفضة أو حتى المدارس الافتراضية. كما أن هذا البرنامج يتيح للآباء فرصة اختيار الأفضل من دون الوقوع في مستنقع البيروقراطية الإدارية. وإذا لم تتراجع إدارة أوباما عن القانون الجديد، فسنفعل كل ما نستطيع حتى يتمكن التلاميذ من الانتصار لحقوقهم. ويتلخص الهدف الواضح لمسعانا في منح كل طفل بغض النظر عن أصله العنصري أو دخله المادي، فرصة الحصول على التعليم الراقي. ولعل من المفيد هنا أن نذكّر بما قاله أوباما حول التعليم. ففي خطابه حول وضع الأمة لعام 2010، قال: "إن أفضل برنامج يتوفر أمامنا الآن لمكافحة الفقر هو التعليم ذو المستوى الرفيع. وفي هذا البلد، لا يجوز أن يرتبط نجاح أطفالنا بالمكان الذي يعيشون فيه بأكثر من ارتباطه بقدرتهم على التحصيل". لقد كان الرئيس على حق فيما قال، إلا أنه لم يطبق ما قاله على النحو السليم. وهو الآن على وشك نقض الوعد الذي قطعه لأبنائنا. تذكر عهدك يا سيادة الرئيس، وسارع إلى منح كل طفل فرصته في النجاح. بوبي جيندال حاكم ولاية لويزيانا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»