وضع متدهور في سوريا... ودعوة للانفتاح على مصر استمرار معاناة السوريين في ظل واقع إنساني صعب، والأزمة السورية على أجندة قمة دول العشرين، ومتانة العلاقات البريطانية الأميركية، رغم الاختلاف بشأن سوريا، دعوة لانفتاح سياسي أكبر في مصر.. موضوعات تصدرت اهتمام الصحافة البريطانية هذا الأسبوع. كابوس إنساني قاربت صحيفة "الجارديان" في افتتاحيتها ليوم أمس الأربعاء الأزمة السورية المستفحلة في بعدها الإنساني، فقد بات معلوماً، توضح الصحيفة، الكلفة الإنسانية الباهظة التي يتكبدها الشعب السوري باعتباره الضحية الأولى للحرب الأهلية الجارية بين النظام والمعارضة، فحسب تقديرات الأمم المتحدة فاق عدد اللاجئين مليوني سوري يعانون مختلف أنواع الصعوبات في بلدان الجوار، لا سيما الذين لم يجدوا من حل آخر، بسبب قلة ذات اليد، سوى الاحتماء بمخيمات اللاجئين في الأردن، أو لبنان، في ظروف أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها صعبة وغير مريحة، في ظل غياب الخدمات الطبية الكافية وظروف المعيشة المزرية داخل الخيم المؤقتة التي تفتقد لأساسيات العيش الكريم، أما الأقل فقراً فقد اختاروا الاستقرار في المدن التي لجؤوا إليها ليكتروا غرفاً وبيوتاً مهجورة، يضاف إلى ذلك تقول الصحيفة العدد الكبير من السوريين الذين نزحوا عن ديارهم بعدما طالها الدمار والقصف المدفعي إلى مناطق أخرى داخل البلاد، والذين يقدر عددهم حسب الإحصاءات إلى أربعة ملايين نازح، لكن الأخطر من كل ذلك ما يتعرض له الأطفال من مأساة، حيث أفادت آخر الأرقام الأممية عن تجاوز عدد اللاجئين الأطفال مليوني طفل سوري يعيشون حياة البؤس والتشرد التي تنعدم فيها شروط العيش الكريم، ما يعني أن مستقبلا قاتماً ينتظر تلك الفئة الهشة من الشعب السوري، ولعل ما يلفت الانتباه ويدعو للقلق، وفقاً للصحيفة، هو تراخي المجتمع الدولي وتقاعسه عن تقديم الدعم الإنساني الضروري، حيث ما زال التمويل قاصراً عن تلبية الاحتجاجات المتزايدة للشعب المنكوب، فضلا عن تعنت النظام وتضييقه على عمل المنظمات الإنسانية التي لا تستطيع إرسال موظفيها إلى مناطق خطرة، ليبقى الحل من وجهة نظر الصحيفة تسريع الذهاب نحو مؤتمر "جنيف 2” تمهيداً لتوافق سياسي ونقل للسلطة يخفف من معاناة الشعب السوري وينهي أزمته الإنسانية المستمرة. قمة دول العشرين اعتبرت صحيفة "ذي إندبندنت" في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي قمة مجموعة دول العشرين المزمع انعقادها يوم الأربعاء فرصة أخرى لقادة دول الاقتصادات المهمة على الصعيد العالمي لطرح الأزمة السورية على طاولة النقاش، لا سيما وأنها تدخل عامها الثالث دون تسوية، فبعد كل هذا الوقت من الصراع كلف السوريين آلاف القتلى ما زالت المنطقة تغلي تحت وقع الصراع الطاحن في سوريا، يضاف إليها التطورات الأخيرة التي تنذر بقرب التدخل الأميركي في الحرب من خلال الضربة التي ينتظر الجميع أن يرخص لها الكونجرس، وذلك كله على خلفية النقلة الجذرية التي شهدتها المواجهات الدامية في سوريا إثر لجوء النظام إلى ضرب السكان بالسلاح الكيماوي، لذا تشكل قمة الدول العشرين فرصة، حسب الصحيفة، لطرح الرؤى الجديدة وحشد التوافق الدولي حول رد مناسب على تجاوزات نظام الأسد، خاصة بعدما فشل مجلس الأمن في إدانتها، ناهيك عن الترخيص لتحرك عسكري، غير أن القمة تعقد في ظروف دقيقة لجهة التوتر الحالي في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وانعكاسه في شكل الاحتقان بين أوباما وبوتين، فبعدما منحت روسيا حق اللجوء السياسي المؤقت لإدوارد سنودن رد أوباما بإلغاء قمة ثنائية كانت مرتقبة بين الزعيمين، وهو الأمر الذي سيصعب عمل القمة، يضاف إلى ذلك القضايا الأخرى المطروحة على الأجندة والتي لا تقل أهمية، لا سيما مواضيع الإصلاح المالي وبوادر أزمة جديدة بدأت تلوح بوادرها لدى الاقتصادات الناشئة بعد تراجع كبير في قيمة عملاتها المحلية، فقد كان لقرار الولايات المتحدة الحد من سياسية التيسير الكمي الذي اعتمدها الاحتياطي الفدرالي، وتغيير سياساته النقدية أثر على أسواق الأسهم في البلدان الناشئة، مهدداً المكتسبات الاقتصادية المتحققة، الأمر الذي يحتم على الدول المشاركة في قمة العشرين مناقشة التهديدات وإيجاد البدائل حتى لا يعود الاقتصاد العالمي إلى ركود ما بعد 2008. علاقة خاصة رغم مفاجأة بريطانيا للولايات المتحدة من خلال تصويت مجلس "العموم" ضد المشاركة في ضرب نظام الأسد ورفضه الترخيص لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، الذي تلقى صفعة قوية من المشرعين أصرت صحيفة "دايلي تلغراف" في افتتاحيتها ليوم السبت الماضي على متانة العلاقات البريطانية الأميركية وطابعها المتفرد والخاص، فإقدام البرلمان البريطاني على التصويت ضد المشاركة في الضربة المرتقبة أمر طبعي في الديمقراطيات، وبقدر ما كان القرار مفاجئاً لأميركا ذات النظام الرئاسي، إلا أنه أمر طبيعي، بل يضمر من المشتركات بين البلدين أكثر مما يكشفه من فوارق، فالخطوة البريطانية إنما تدل في عمقها على قيم الديمقراطية والشفافية المشتركة بين البلدين باعتبارهما ديمقراطيات عريقة لا يمكن الخوض في قضايا الحرب والسلم دون استشارة المواطنين عبر ممثليهم الشرعيين في البرلمانات، وهو ما أكده أوباما نفسه الذي وإن كان يستطيع بموجب الدستور الأميركي، وباعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الدخول في حرب دون الذهاب إلى الكونجرس، إلا أنه أبى إلا أنه يشرك المشرعين، وقد تكون هذه الخطوة تقول الصحيفة تحركها الاعتبارات الواقعية السياسية أكثر من المثل والقيم مثل رغبة أوباما في كسب المزيد من الوقت للدفاع عن قضية ضرب نظام الأسد أمام الرأي العام، أو حذره وعدم رغبته في التورط وحيداً من خلال إشراك الكونجرس ليتحمل جزءاً من المسؤولية، وفي جميع الأحوال، تقول الصحيفة، لا يعني تصويت بريطانيا على رفض التدخل العسكري أن الرأي العام والطبقة السياسية ليست قلقة مما يجري في سوريا، أو أنها ليست مدركة لخطورة استخدام السلاح الكيماوي والحاجة إلى معاقبة الأسد، بل فقط يعني ضرورة أن يكون أي تحرك عسكري في إطار من الشفافية والمسؤولية الجماعية تفادياً لأخطاء الماضي القريب عندما تجاوز توني بلير البرلمان في غزو العراق لينتهي الأمر بحرب غير شعبية وبكلفة باهظة. ملاحقة «الإخوان» في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي حذرت صحيفة "فاينانشال تايمز" من الأزمة المستمرة في مصر منذ فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة وما أطلقته تلك العملية من ملاحقات واسعة لعناصر وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي يهدد بتعميق حالة عدم الاستقرار من جهة، لا سيما إذا قررت بعض الجماعات الإسلامية اللجوء إلى السلاح والتطرف، ومن جهة أخرى ضرب مصداقية الانتقال الديمقراطي وخارطة الطريق التي تشرف عليها الحكومة المؤقتة، وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى تفجير قنبلة بأحد أقسام الشرطة لتحذر من تفجر العنف بسبب الوضع السياسي غير المستقر، لكن الصحيفة أيضاً تحمل جزءاً من الواقع المصري الراهن إلى الإخوان المسلمين أنفسهم الذين فشلوا فشلا ذريعاً طيلة العام الذي تولوا فيه السلطة، حيث أثبت الرئيس المعزول، محمد مرسي، عجزاً كبيراً في إدارة الدولة، وسعى إلى تعظيم سلطاته من خلال إعلان دستوري رفضته جميع القوى السياسية وعبأ الشعب ضد سياساته، فضلا عن الطريقة التي تم بها تمرير الدستور دون توافق كبير بين القوى الحية في مصر، ناهيك عن محاولات مستميتة للسيطرة على الدولة من خلال تعيين المقربين والأنصار، إلا أنه مع ذلك ورغم الإخفاقات والأخطاء ترى الصحيفة أنه يجب ألا تكرر تجربة الإخوان على أيدي الحكومة المؤقتة، وأن تنفتح السلطات الجديدة على الإسلاميين باعتبارهم مكوناً أساسياً في الحياة السياسية، محذرة في الوقت نفسه من سياسات الإقصاء التي تتم بالموازاة مع خطاب التصالح الإعلامي. إعداد: زهير الكساب