من هم التكفيريون الذين يتحدث عنهم «حزب الله»؟ من هم هؤلاء الذين يعتدون على طمأنينة الصلاة ويودون بحياة مصلين أبرياء كل ذنبهم أنهم سنّة ويعيشون بمدينة سنّية؟ عن ماذا يتحدث «نصرالله»، ويداه ملطختان بدماء أطفال القصير وغيرها من البلدات والمدن السورية التي يجاهر بارتكاب جريمة القتال ضد أهلها العزل، كما لو أنه مكلف من الله تعالى بحماية الإسلام والمسلمين؟ أتعجب من امتلاكه جرأة زائدة جعلته يقول في تصريحاته بأن التكفيريين هم المجرمون وهو البريء، صاحب المبادئ الذي واصل الصمود والمقاومة ضد العدو الإسرائيلي! لكن، أليست هناك إسرائيل أخرى على الأراضي السورية، من حيث الممارسة وبشاعة التصرف ضد العرب المدنيين، حتى يواجهها هذا «البطل المقاوم للعدوان الإسرائيلي»؟ لم يتراجع لبنان عن موقعه الثقافي والاقتصادي إلا بسبب السياسات الإجرامية لـ «حزب الله» طوال الأعوام الماضية الأخيرة، السياسات التي قضت على لبنان حتى إشعار آخر. وهو يصر اليوم على أن يقضي على سوريا حتى يتم له القضاء على التكفيريين من النساء والأطفال والشيوخ، ليبقى هو معافى في جسده وحزبه. وإذ إننا جميعاً لم نأسف على شيء كأسفنا على تصديقنا لخديعة الصمود التي يدعيها هذا الحزب الفاشي، الخديعة التي انطلت علينا لسنوات طويلة، قبل أن نستيقظ على الحقيقة المضللة والتي لا هدف لها أبعد من مصالح ذاتية، شخصية وحزبية، وإلا فماذا قدّم «حزب الله» للطائفة الشيعية؟ لقد أسهم في تأليب بعض الشيعة وتحويلهم إلى أعداء لمجتماعاتهم، وذلك حين أسس شرخاً عميقاً بين الشيعة والسنّة، خاصة بعد ما اقترفه من ممارسات إجرامية بحق الأبرياء من أبناء الشعب السوري. هذا ناهيك عن الضرر البالغ الذي لحق الشيعة العرب عقب تورّط العديد منهم في تمويل حزب يسعى حثيثاً لإسقاط أي مشروع لإقامة دولة سورية تمتزج طوائفها ضمن أُطر دولة العدل والقانون، وهو المطلب البسيط الذي قامت بسببه الثورة السورية. لقد تدخل «حزب الله» في سوريا ليزيد من مآسيها ويدفعها نحو حرب أهلية كان بالإمكان تجنّبها لو اتخذ «نصرالله» موقفاً محايداً، لكنه بعد أن فعل ما فعل، يريد الآن إيصال رسالة بأنه قادر على الانتقام وليس لديه أي رادع حتى وإن كان الأمر يتعلق بمسجد وضد مصلين عزل أبرياء. «نصرالله» يحدّث نفسه، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه فقد صدقيته وأن رصيده في الشارع العربي تحول إلى رقم بالسالب دون أدنى شك. رحم الله المصلين الأبرياء، وحفظ لبنان حين لا يعرف قدره «حزب الله» الذي قرر التخندق خلف مذهبه محولاً إياه إلى إقطاعية. إذا لم تكن منتمياً لـ«حزب الله»، فأنت بالضرورة عدو مستهدف بالاجتثاث والتصفية من جانبه.