لا يخفى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي بخطى ثابتة وواثقة في شتى المجالات، ومنها المجال الصحي والبيئي، حيث تسعى جاهدة إلى أن تكون في الصدارة دوماً عبر معالجة نقاط الخلل التي يمكن أن تؤثر في البيئة، في بلد يعرف بحلته الخضراء، وذلك من خلال تنفيذ خطط تحسين المستوى البيئي والصحي التي تنتهجها الدولة، وفي هذا السياق أقر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مؤخراً، اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة التبغ التي تضع قيوداً صارمة على التدخين في الأماكن العامة وتحدد عقوبات تحقق الردع العام والخاص. وتتجه اللائحة التنفيذية التي تسري بعد ستة أشهر إلى التقليص من الآثار الخطيرة التي تترتب على انتشار التدخين وخاصة بين فئة المراهقين من الشباب، بعد أن أكدت دراسة وقائية في إمارة أبوظبي أن نسبة التدخين وصلت إلى نحو 28% بين من تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وهو رقم مرتفع ينذر بكارثة صحية قد تلحق بهذه الفئة إن لم يتم تدارك وقوعها في فخ إدمان التدخين، وهو أمر أفضى إلى ضرورة تشديد العقوبات لجهة مكافحة التدخين لتحقيق حالة من الردع العام والخاص، كما أسلفنا، إذ يمنع من نشر سموم هذه الآفة بين شبابنا الذين هم عماد المستقبل لينعموا في بيئة صحية وليذكروا أن تشريع هذه القوانين إنما جاء ليصب في مصلحتهم ومصلحة أطفالهم. وبتحليل اللائحة التنفيذية لمكافحة التبغ، نجد أنها اعتمدت نوعين من المعالجات لهذه الآفة أحدهما وقائي بضرورة تغليف عبوات السجائر بمواصفات قياسية تحددها دولة الإمارات العربية المتحدة ووضع صورة تبرز خطر التدخين -بشكل لافت للنظر- على العبوة، كما نصت على عقوبات غليظة إحداها، أن عدم التزام المستورد يمكن أن يعرضه لغرامات مالية تتراوح ما بين 100 ألف ومليون درهم، فضلاً عن مصادرة التبغ ومنتجاته، في وقت حظرت اللائحة الدعاية للتبغ ومنتجاته عبر السينما والتلفزيون والبرامج الإذاعية والمسرحية والأفلام الكرتونية والإعلامية والتعليمية ووسائل الاتصال المختلفة، وهي الأماكن والبرامج التي يوجد حولها المراهقون بكثرة. كما شملت اللائحة ضوابط تنظم عمل مقاهي الشيشة وما يماثلها، إذ تحظر هذه الأنشطة في المناطق السكنية، ولا ترخص إلا في أماكن محددة، بحيث تبعد 150 متراً من المكان المرخص والبنايات السكنية أو الأحياء السكنية، وهي خطوة تحمي قاطني البنايات السكنية وأطفالهم من مضار هذه المقاهي وإمكانية ارتيادهم لها، وحظرت بيع منتجات التبغ لمن هم أقل من 18 عاماً، لتعمل في الفترة من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل. إن التحرّك الفاعل في مواجهة ظاهرة التدخين المتفاقمة، والتطبيق الصارم لكل إجراء من شأنه أن يحدّ منها أو يقلّل خسائرها، أمران مطلوبان بقوة من الأجهزة المعنية، لأن الضرر الناتج من هذه الآفة كبير وخطر، لأنه لا يقتصر على الصحة العامة لأفراد المجتمع وحسب، بل يتجاوزه إلى عملية الإنتاج والتنمية أيضاً، كما أن تطبيق هذه اللائحة يشكل نقلة نوعية في مجال الصحة والبيئة في الإمارات التي تقفز وتسابق الزمن تطوراً ونجاحاً في مجالات مختلفة، أبرزها المجال البيئي والصحي من أجل الوصول إلى أجيال قوية قادرة على العطاء. ------- عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية