صعوبة الحالة الاقتصادية في مصر... والتاريخ يضرب العلاقات اليابانية- الكورية في غمرة التوتر السياسي والأمني إلى أي مدى وصلت أزمة مصر الاقتصادية؟ وهل لا يزال التاريخ عقبة أمام تحسين العلاقات اليابانية- الكورية الجنوبية؟ وهل ثمة جدوى من وراء الدعوة لمقاطعة أولمبياد سوشي الشتوية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة علي الصحافة الدولية. مخاوف اقتصادية في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، رصدت «تورونتو ستار» الكندية جانباً آخر من المشهد المصري الراهن، فبعيداً عن الصراع الدائر للسيطرة- حسب الصحيفة- على القاهرة، ولتحديد مستقبل البلاد، وبعيداً عن مخاوف تتعلق بشبح حرب أهلية على الطريقة الجزائرية أو السورية، ثمة ملايين من المصريين في الشوارع الخلفية يعيشون في ظروف صعبة، ويدبرون بالكاد أمور حياتهم. على سبيل المثال في إمبامة وأحياء أخرى فقيرة في العاصمة المصرية يقف الناس ساعات طويلة أمام أفران الخبز للحصول على رغيف مدعوم من الحكومة، هم يتناولونه بأعداد كبيرة، لأن أطعمة أخرى كالأسماك والبيض والطماطم واللحوم هم غير قادرين عليها. ويوجد جيل من الأطفال ممن هم في مرحلة ما قبل الالتحاق بالدراسة، يعانون من الأنيميا، وتلفت الصحيفة الانتباه إلى أنه من بين84 مليون نسمة في مصر يعتمد 60 مليوناً على الحصص التموينية المدعومة من الحكومة، وهذه الأخيرة تستقطع من الميزانية ما قيمته 5 مليارات دولار سنوياً. وعلى الرغم من أن حكومة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور تصر على أن البلاد ليست على وشك الإفلاس، فإن هذا ينطوي على رسالة غير مطمئنة. الميزانية السنوية تصل إلى 100 مليار دولار، وتعاني عجزاً بلغ 30 مليار دولار، ولهذا فإن المساعدات العربية التي تلقتها مصر بعد إسقاط حكم «الإخوان» والبالغة 12 مليار دولار، لن تذهب بعيداً، أي لن تحتوي كل الاحتياجات المالية العاجلة، والأمل في 4.8 مليار دولار كانت مصر قد طلبت اقتراضها ن صندوق النقد الدولي لكن المسألة تم تعليقها في ظل مخاوف تتعلق بالوضع السياسي. وترى الصحيفة أن مخاوف مصر الاقتصادية تشمل تراجعاً حاداً في النمو وتضخماً صارخاً ومزيداً من أعداد العاطلين، وهي أمور لا يمكن تحميل الجنرالات المسؤولية عنها، فحكم مبارك الذي سقط جراء «الربيع العربي» لم يتمتع بكفاءة اقتصادية، وحكومة مرسي لعبت دوراً في عدم الاستقرار، والنتيجة أن نصف المصريين فقراء أو يقتربون من خط الفقر. لا لمقاطعة «أولمبياد سوشي» في مقاله المنشور بـ«ذي موسكو تايمز الروسية» يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «بدلاً من المقاطعة هناك طرق أفضل لتوبيخ روسيا»، أشار «أليكسي باير» إلى أن مقاطعة الفعاليات الرياضية مصطلح سياسي قديم، لكن العالم المتحضر لم يقاطع أولمبياد برلين عام 1936، ومعظم الناس يفكرون الآن في أنه كان يتعين مقاطعة أولمبياد برلين بدلاً من السماح آنذاك لأدولف هتلر باستعراض نظامه النازي. وحسب الكاتب، وهو صحفي روسي مقيم في نيويورك، قاطعت الولايات المتحدة في 1980 وعدد كبير من حلفائها أولمبياد موسكو احتجاجاً على الغزو السوفييتي لأفغانستان، وردت موسكو عام 1984 بمقاطعتها ومعظم حلفائها أولمبياد لوس أنجلوس. وشهدت لعبة هوكي الجليد مقاطعات من هذا النوع إبان الحرب الباردة، فكندا والولايات المتحدة، لم تشاركا في بطولة العالم للهوكي التي انعقدت في موسكو عام 1957 احتجاجاً على الغزو السوفييتي للمجر، وفي عام 1962 رد الاتحاد السوفييتي ومعه تشيكوسلوفاكيا بمقاطعة بطولة العالم للهوكي في كلورادو. الآن ثمة جاذبية لمقاطعة دورة الأولمبياد الشتوية المقرر تنظيمها في مدينة «سوشي» الروسية 2014 بسبب مجموعة من القوانين المثيرة للجدل سواء ما يتعلق بحقوق المثليين، لكن لدعاوى مقاطعة أولمبياد سوشي مؤدين ومعارضين مثلما كان الموقف من مقاطعة أولمبياد برلين 1936. ورافضو المقاطعة لا يجدون وجهاً للمقارنة بين طريقة تعامل الحكم النازي مع اليهود في ثلاثينيات القرن الماضي، وطريقة تعامل الروس مع الشواذ الآن. والمطالبون بالمقاطعة يذكروننا بأن كثيراً من الناس خارج ألمانيا لم ينزعجوا من قوانين هتلر المعادية للسامية، بل هناك من رحب بها، وهؤلاء يرون أن اليمين الديني حول العالم يرحب بموقف روسيا تجاه ما يرونه «خطيئة». مشكلة المقاطعة أنها غير فاعلة، على سبيل المثال، لم تتأثر سياسة السوفييت في أفغانستان بمقاطعة الأميركيين لأولمبياد موسكو. ومن يطالبون بإبعاد السياسة عن المنافسات الرياضية، فإن اللقاءات الرياضية تؤدي إلى نتائج جيدة. ويستشهد الكاتب بمشاركة أحد اللاعبين الأميركيين السود في أولمبياد برلين 1936، وحصوله على ميدالية ذهبية، فهذا اللاعب فضح آنذاك الدعاية العنصرية التي انتهجها النظام النازي، وأدى دوراً لم تنجح أي مقاطعة في تفعيله. رواسب تاريخية خصصت «جابان تايمز» اليابانية افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي لتحليل العلاقات اليابانية- الكورية الجنوبية، فتحت عنوان «إصلاح العلاقات بين طوكيو وسيئول»، نوّهت الصحيفة إلى مرور عام على زيارة الرئيس الكوري الجنوبي السابق «لي ميونج باك» إلى جزر «تاكشيما» المتنازع عليها والمعروفة لدى الكوريين باسم «دوكودو» والواقعة في بحر اليابان، حيث تمت الزيارة في 10 أغسطس 2012. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عاد إلى السلطة في ديسمبر الماضي، ومع وصول «بارك جوين هي» إلى السلطة في كوريا الجنوبية في فبراير الماضي، فإن العلاقات الثنائية بين البلدين لا تزال متوترة، وليس هناك مؤشر على تحسنها. وحسب الصحيفة، ليس هناك زيارات متبادلة بين وزيري خارجية البلدين، أو إمكانية لقمة بين رئيسي البلدين. وتطالب الصحيفة طوكيو وسيئول بأن الوضع الحالي يضر بمصالحهما المشتركة، ولا بد من انتهاج كل السبل المتاحة لتحسين العلاقات بينهما. وترى الصحيفة أن الرئيسة الكورية الجنوبية تحاول تقديم بلدها كقوة وسطى بين قوتين كبيرتين هما الولايات المتحدة والصين، وعندما زارت واشنطن وبكين في مايو ويونيو الماضيين، صرحت بأن التفسيرات اليابانية لتاريخ آسيا خلال القرن العشرين مثير للمشاكل. ويبدو أن الرئيسة الكورية تحاول- حسب الصحيفة- تكثيف تعاونها مع الولايات المتحدة والصين لكبح جماح كوريا الشمالية وأيضاً اليابان، وعلى الحكومة اليابانية الاعتراف بأن «بارك» لا تعطي وزناً لليابان في دبلوماسيتها، ومن ثم ينبغي تحسين الاتصالات مع كوريا الجنوبية لإصلاح هذا الوضع. المسألة التاريخية وما يتعلق بها من إشكاليات طفت على السطح مجدداً، ففي يوليو الماضي أقرت المحكمة العليا في سيئول وبوسان قانوناً يطالب الشركات اليابانية بدفع تعويض للكوريين الجنوبيين الذين عملوا في السخرة بهذه الشركات خلال الحرب العالمية الثانية، هذا القرار يتناقض مع اتفاق ملحق بالمعاهدة الأساسية المبرمة بين البلدين عام 1965 وهي تتضمن بنداً مفاده أن الادعاءات الخاصة بالأفراد لا يمكن التقاضي بشأنها طالما أنها مرتبطة بأحداث وقعت في أو قبل 15 أغسطس 1945، ذلك لأن اليابان قدمت لكوريا الجنوبية بموجب المعاهدة المشار إليها 500 مليون دولار كمساعدة اقتصادية. وتحذر الصحيفة من مغبة حذو المحاكم الكورية الجنوبية حذو «محكمة سيئول وبيسان»، فذلك سيسفر عن ضرر كبير في العلاقات اليابانية- الكورية الجنوبية، وهذا ما دعا سيئول إلى المطالبة بتعديل أو حتى تغيير المعاهدة المؤسسة لهذه العلاقات. وتأمل الصحيفة في أن تتخلى الرئيسة الكورية الجنوبية عن أي خطوة من شأنها الإضرار بالمعاهدة، والطريقة الأفضل لاحتواء الادعاءات الشخصية المتعلقة بأعمال السخرة وطلب التعويض عنها يجب أن تتم من خلال معايير للقطاع الخاص بعيداً عن المعاهدة. وفي المقابل ينبغي على اليابانيين وقف أية تحركات من شأنها المساس بمشاعر الكوريين الجنوبيين، مثل الدعوة إلى تغيير تصريحات سابقة خاصة بالحكم الاستعماري والعدوان العسكري و«نساء الراحة» ممن أجبرن على ممارسة الجنس في الجيش. ولدى المواطنين اليابانيين دور يتمثل في وقف خطاب الكراهية تجاه الكوريين الجنوبيين، والكوريون الجنوبيون ينبغي ألا يظهروا اليابان أو الشعب الياباني ضمن صورة نمطية قائمة على تجربة الاستعمار الياباني لكوريا. إعداد: طه حسيب