تتجدد الاحتجاجات في ميدان باردو خارج مبنى الجمعية الوطنية التأسيسية في تونس منذ اغتيال السياسي المعارض محمد براهمي يوم 25 يوليو الماضي. وقد انقسم الميدان بين المتظاهرين المطالبين بحلّ الحكومة التونسية الحالية بقيادة حزب «النهضة»، وآخرين يدعمونها. ومعظم المتظاهرين على الجانبين هم من الشباب، وقد ساند العديد منهم ثورة الياسمين في يناير 2011. وحتى يتسنى لي فهم خلفيات حراك الشباب التونسي وما يفعلونه لمساعدة بلادهم على تخطي عقبات وتحديات هذه المرحلة الصعبة، فقد تحدثت مع زعماء مجالس الشباب في ثلاث مدن مختلفة: «محمد مساعي» من سوسة، وغادة دالي من سيدي بوزيد، وزينب عويني من بنزرت. يقول «مساعي» إن «العديد من الشباب يشعرون بأن سياسيي تونس لا يأبهون بالمصالح الكبرى لبلدنا، مثل حالة الاقتصاد»، مستطرداً: «تذكروا أن التونسيين، وخاصة الشباب بين سن 18 و30 سنة، تظاهروا قبل سنتين في شوارع تونس مطالبين بفرص العمل وحياة اقتصادية أفضل. واليوم، يشعر العديد منهم بأن هذه الأولويات قد نُسيت من قبل السياسيين الذين يبدو أنهم مهتمون أكثر بمصالحهم السياسية الخاصة». ويناشد شبان مثل جهود السياسيين في هذه الفترة الانتقالية توجيه الطاقات التي يتم بذلها الآن في الصراع على التجاذبات السياسية إلى مجال التنمية الاقتصادية في تونس، لأن «هذا هو السبيل نحو الازدهار» يقول «مساعي». ولا يعبّر «مساعي» ومجلس القادة الشباب في سوسة، وهو عضو فيه، عن آرائهم من خلال المنتديات العامة فقط، وإنما يتشاركون أيضاً مع آخرين من أصحاب المصالح والاهتمامات، بمن فيهم السياسيون. وقد قابلوا مؤخراً طاهر هميلة، المتحدث باسم الجمعية الوطنية التأسيسية، لبحث العديد من القضايا، بما فيها السن القانوني للترشح للانتخابات في تونس. وعلى رغم أنه من المبكر القول ما إذا كانت تغييرات أساسية قد نتجت عن اللقاء،(لم يقدم هميلة حتى الآن لهؤلاء الشباب وعوداً بأي شيء)،إلا أن «مساعي» يقول إنه «يجب علينا الاستمرار في العمل للدفاع عن القضايا التي تؤثر علينا. يجب علينا عدم التوقف أبداً». وتوافق غادة دالي على ما سبق. وعند سؤالها عن أحداث العنف الأخيرة التي أثرت على البلاد، أجابت: «سيقول بعض التونسيين إن المعارضة مسؤولة عن العنف الأخير، مثل قتل ثمانية جنود قبل أسبوعين عند الحدود مع الجزائر، حتى تستقيل الحكومة. ولكن الأمر لا يهم. نحتاج بدلاً من ذلك أن نركز معاً على مستقبل بلادنا». وهي تؤمن أيضاً بأنه لا يمكن عمل شيء من قبل مجموعة واحدة فقط، لأن «تونس ما زالت في وضع انتقالي، ولا يمكن بناء قاعدة لمستقبل أفضل إلا بشراكة الجميع معاً». وبقولها «معاً»، لا تعني دالي جماعات سياسية مختلفة فحسب، وإنما كذلك الأجيال الأصغر والأكبر، وتضيف: «نريد نحن الشباب أن يسمعنا سياسيونا». ولهذا السبب حاولت مع مجلس القادة الشباب في سيدي بوزيد التواصل مع الإعلام لإسماع أصواتهم حول مواضيع متنوعة تتراوح من وضع الرياضيين الشباب في منطقتها إلى تكلفة المعيشة المرتفعة. ويقوم شباب آخرون بالحشد للعمل باتجاه الاستقرار المستقبلي لبلادهم من خلال مجابهة العنف بشكل مباشر. وفي أعقاب اغتيال براهمي، تحركت زينب عويني مع مجلس الشباب في بنزرت،عن ذلك تقول «لم نستطع مجرد الجلوس ومشاهدة هذا الدم يسيل». وعلى رغم أنها تؤمن بأن جهود تحقيق الاستقرار تتطلب العمل على المديين البعيد والقريب، فقد قرر مجلس القادة الشباب في بنزرت التركيز على الاستقرار على المدى البعيد. «نقوم حالياً بتطوير مشروع يبدأ في المدارس الابتدائية لدمج النشاطات الصفية التي تعلّم الشباب احترام بعضهم بعضاً، والتعبير عن آرائهم بشكل سلمي دون خوف. ونقوم في مجلسنا بعصف فكري حول كيفية عمل ذلك، والاتصال في الوقت نفسه بمدارس المنطقة. وأثناء النقاشات المبكرة، عبّرت المدارس عن اهتمامها بمشروعنا وشجّعنا بعض الأساتذة» تقول عويني. لقد بدأ قادة مجلس الشباب في بنزرت مشروعهم على المستوى المحلي، إلا أن لهم آمالاً كبيرة بالوصول إلى المستوى الوطني وتعليم الأجيال الأصغر أصول ومبادئ اللاعنف. إن لدى القادة الشباب من بنزرت وسيدي بوزيد وسوسة آمالاً كبيرة لبلادهم، وهم على استعداد للعمل على طريق خدمتها في المستقبل. ------ نور عويس كاتبة صحفية ------ ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية